يُعد ذُهان ما بعد الولادة اضطراباً نفسياً نادراً وخطيراً يصيب نحو 1400 امرأة سنوياً في المملكة المتحدة، وغالباً ما يظهر فجأة خلال الأسبوعين الأولين بعد الولادة. تتراوح أعراضه بين الاكتئاب الشديد ونوبات الهوس وصولاً إلى الهلوسات، ويمكن أن تتدهور الحالة بسرعة مهددة حياة الأم وطفلها.
حالة زوجة "ريتش بايش"، التي أنهت حياتها بعد شهر من الولادة، تسلط الضوء على فشل التشخيص المبكر وغياب الدعم النفسي الكافي. وعلى الرغم من بعض المحاولات لتحسين ظروفها، لم تُشخّص حالتها في الوقت المناسب، ولم تكن تعاني سابقاً من أي اضطراب نفسي معروف. كذلك تؤكد حالات مثل ميغان كليفل، التي تعافت لاحقاً بعد معاناة من أوهام وهلاوس، مدى أهمية التدخل المبكر.
الوَصمة الاجتماعية المحيطة بالصحة النفسية لا تزال عائقاً كبيراً أمام الأمهات لطلب المساعدة. تشير الإحصاءات إلى أن الانتحار لا يزال السبب الأول لوفاة الأمهات بين الأسبوع السادس والشهر الـ12 بعد الولادة، مع أن ثلث هؤلاء فقط لديهن تاريخ نفسي معروف.
تروي نساء مثل جيني شو باول وجورجينا هاكني تجاربهن مع ذُهان ما بعد الولادة، مؤكدات أن الأعراض كانت تُهمل أو يُساء فهمها في البداية. وعبّرت قابلات عن ترددهن في مناقشة هذا الاضطراب مع الأمهات الحوامل خوفاً من إثارة الذعر.
جمعيات مثل "أكشن أون بوستبارتوم سايكوسيس" تسعى لكسر حاجز الصمت وزيادة الوعي حول هذا الاضطراب، وتشير إلى أن تصوير الإعلام لحالاته الأكثر تطرفاً يفاقم سوء الفهم العام. وعلى الرغم من نُدرته، إلا أن تأثيره قد يكون مأساوياً. تشير التقارير إلى أن المملكة المتحدة تسجل حالة قتل رضيع بسبب هذا الذهان مرة واحدة كل عشر سنوات فقط.
أعمال فنية كفيلم "الساحرات" لإليزابيث سانكي وفيلم "حيوان بري" لبيث بارك، تعكس الجانب المظلم والمُهمَل من تجربة الأمومة، وترى أن قلة النوم والأفكار المتطفلة عوامل مساهمة في تدهور الحالة النفسية بعد الولادة.
ختاماً، يعمل "ريتش بايش" حالياً مع مؤسسة APP، بعد أن فقد زوجته بسبب الذهان، وجمع أكثر من 53 ألف جنيه إسترليني لدعم الأمهات المتضررات. يؤكد أن هذا الاضطراب يمكن علاجه إذا شُخص في الوقت المناسب، داعياً إلى التعامل معه كحالة طبية طارئة تشبه النوبة القلبية، لا كوصمة اجتماعية. حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات