في عالم مليء بالتدبير والمكر، تتلاعب القوى الخفية بخيوط الأقدار وتُحاكم الأحداث بمهارة لا تضاهى. وفي هذا الساحة المتلاحمة من الخيانة والتآمر، يختبر الإنسان حقيقته ويكتشف معدنه الحقيقي.
في ظل هذه الظروف، نجد أنفسنا أمام آية قرآنية تترجم لنا حكمة خفية وتنبؤات عميقة. "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ". إنها كلمات تنبض بالحكمة والإلهام، تُذكِّرنا أن الله هو المخطط الأعلى، الذي يعرف كيد أعدائه ويقود الأمور بحكمة لصالح المؤمنين.
لذا لا تدع السلطة تجعلك تتعالى على الآخرين، فهذا العالم المليء بالمكائد والمؤامرات قد تم تصميمه لأختبارك. هل ستكون الشخص العادل الأمين الذي يحمل في قلبه الإيمان والعدل، أم ستسمح للشياطين بالاستيلاء على روحك وتتسلط على الابرياء. فالكافرين يظنون أنهم يستغلون الحياة بتكتيكاتهم الخبيثة، ولكن الحقيقة هي أنهم يجنون الإثم والعذاب المهين فيما بعد. وقد حذرنا الله في قوله العزيز: "وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ يَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ".
تذكر إن الدنيا دار فناء، وإن الآخرة هي دار البقاء. يا للأسف على الإنسان حينما يدرك حقيقته، فهو مجرد عبد فقير حقير وذليل، لا يملك قوة أو سلطة على نفسه. يتمنى بشدة أن يعود في الزمن ليتجنب الأخطاء التي ارتكبها. وقد قال الله تعالى: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ".
أنا لا أرى الظالم إلا مسكين . إنه مسكين حقاً، فقد خسر الكثير من قيمة الإنسانية والأخلاق. يفتقد إلى السمو والنبل، ويعيش في ظلام الشر والهوان. قد يبدو قوياً للوهلة الأولى، ولكن في النهاية سيجد نفسه واقع في شر أعماله ومطرود من رحمة الله. قال تعالى: "ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا" وكذلك قال تعالى: " إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى" فلا مفر لمن ظلم .
وما المظلوم الا عزيز منتصر قال تعالى :
1_"وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ "
2_" لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ "
3_"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ "
4_"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ "
5_"وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ"
6_"فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ"
ليس هناك من مكر يقدر على هزيمة مكر الله، وإن كان الظالمون قد يخططون ويحاولون تحقيق مآربهم، فإن الله هو الحافظ العليم الذي يعرف كيف يحمي المؤمنين ويعاقب الظالمين في النهاية قال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ" . لذا ينبغي ألا ينام ضميرك، حتى لا تجتاحك أمواج الحياة وتسحبك إلى أعماق جهنم. وفي الختام نسأل الله غفران الذنوب وستر العيوب وتثبيت الأقدام والنصر على الاعداء.
اضافةتعليق
التعليقات