هل تنتظر فرصة لتكون لك بصمة في الكون وتُغير بها حياتك؟ إنها هبتك تلك الحروف التي تقرأها الآن.
نتسابق في مضمار الحياة كل منا يبحث عن هدفه، فالبعض يرى أن الحياة هي فرص لكسب المال والحياة الكريمة وهذا مما يحث عليه ديننا الكريم في طلب الرزق والسعي، لكن هل هذه الفرصة التي نطمح للحصول عليها حتى تترك لنا أثراً في الكون؟ هل هذا ما نريده حقًا أثراً في دنيا زائلة سرعان ما يذهب اغترارنا بها بعد نزع ثوب الحياة الفانية.
بكل تأكيد ليس هذا الهدف المرجو، الفائزون حقاً هم الذين استثمروا أنفاسهم في هذه الحياة لبناء قصور في حياتهم الأبدية كيلا يكونون ممن (يُريهم الله أعمالهم حَسرات عليهم).
أهدرنا الكثير من وقتنا في مواقع التواصل فمرة قد نهوى في فخ التصفح على الانستغرام ومرة نحرق ساعاتنا سُدى في مسلسل أُعد لهدم لقائنا مع الحنان المنان ونقع فريسة الضياع ومرة قد نتسوق بضاعة خاسرة نُسجت كي تمنع كثير من خير الفقراء وقد قالها أمير المؤمنين (عليه السلام): إِضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ.
كل حين لدينا فرصة لفعل الخير الاستزادة من نبعه حتى لو كُنتِ تمشي في الشارع فإبتسامتك بوجه طفل يبكي قد تُهدئه واعطائنا مكان لجلوس امرأة طاعنة في السن ترحمنا يوم الحسرة والندامة حتى تلك اللحظة التي رَبَتَ فيها على كتف غريب يبكي قد سُجلت في دواوين الخير، تقبيلنا لقدمي والدينا فرصة وحتى قولنا لإخواننا وأصدقائنا (أنا أحبكم) فرصة في زرع نبتة الفرح في قلوبهم ورسم تلك الابتسامة التي تُخلد في الذاكرة.
تلك الفرصة التي تُغير حياتك وتنقلك من الظلمات إلى النور لا تجعلها تمر مر السحاب، تمسّك بها كأنها كنزك المُنجي الذي ينوء خيره كل الدنيا، تلك التي استثمرها علي بن عبد العزيز الخليعي الذي كان ناصبيا ومنذ ولادته نذره أبواه لكي يقتل ويسلب زوار الحسين ولكن في يوم خروجه لقطع الطرق على زوار المولى أبي عبدالله الحسين تأخرت القافلة فأعياه التعب وهومت عيناه واستسلم للنوم وفي عالم الرؤية والمنام، رأى كأن القيامة قد قامت وجاء دوره للحساب وأمر به إلى النار لأنه كان من المبغضين لأهل البيت (عليهم السلام) ومن الذين أرادوا قطع طريق زيارة سيد الشهداء (عليه السلام)، ولكن أمرا ًحال دون أن يدخل النار، إذ جاء سيد جليل قال اتركوه فإن على جسدهِ غبار زواري وقد تنفس ترابهم وفي هذه اللحظة استيقظ من نومه وإذا بتراب القافله يستنشقه فعلا.
تمسك بكنزه، تمسك بتلك الفرصة التي أعطاها المولى أبي عبدالله له فرمى السيف وذهب راكضا إلى عند باب رحمة الله الواسعة الحسين بن علي (عليه السلام) وتحول من قاطع طريق زوار الحسين إلى زائر الحسين، وعندما وصل لم يكن لديه الجرأة أن يدخل إلى حرم الامام وكان ينتظر إشارة الإذن والقبول بالدخول لحرم المولى أبي عبد الله وفي انتظاره انخلعت الستارة التي كانت على باب الحسين وسقطت عليه فقالوا الناس له هذه الاشارة بالقبول فقد خلع الحسين عليك الستار وهذه اشارة القبول فأجهش بالبكاء وهو يقول:
إذا شئت النجاة فزر حسينا .... لكي تلقى الإله قرير عين
فإن النار ليس تمس جسما .... عليه غبار زوار الحســين
فماذا ننتظر بعد؟ اسعَ لتلك الفرصة التي تخلعك من ظلمات الدنيا وتنعم بها من نور محمد وآل محمد.
اضافةتعليق
التعليقات