كثيراً ما تتردد في حياتنا مفردة "الرضا" ويذهب صداها بأذهاننا إلى مفهوم القناعة والقبول والاكتفاء سواء على المستوى الاقتصادي ، الاجتماعي ، العائلي وووو... وقد قرأنا العديد من القصص والمواعظ التي تحثنا على الرضا فما هو ذلك الرضا الذي يقصده الأمير؟
الرضا: هو ترك الاعتراض والسخط باطناً وظاهراً، قولاً وفعلاً، وصاحب الرضا يستوي عنده الفقر والغنى، والراحة والعناء، والصحة والمرض ولايرجح بعضها على بعض ولا يثقل بشيء منها على طبعه.
فالإنسان المؤمن الراضي يرى صدور الكل من الله تعالى بحيث حب الله يجعله يحب كل ما يصدر منه ويرجح مراد الله على مراده.
للرضا أنواع كثيرة وأفضلها مقاماً الرضا بالقضاء، فقد روي أن واحداً من أرباب الرضا عمّر سبعين سنة، ولم يقل في هذه المدة لشيء كان: ليته لم يكن، ولا لشيء لم يكن: ليته كان!!
وطريقة تحصيل الرضا أن يعلم أن ماقضى الله سبحانه له هو الأصلح بحاله وإذ لم يبلغ فهمه إلى سيره فيه فالسخط والكراهة لا يفيد شيئاً ولايتبدل به القضاء فما قُدّر يكون ومالم يقدّر لم يكن، وحسرة الماضي وتدبير الآتي يذهبان الوقت بلا فائدة وتبقى تبعة السخط عليه.
وقد أثنى المولى أمير المؤمنين على الرضا فوصفها بنِعْم القرين أي المصاحب الملازم للإنسان فالقرين هو الرفيق الدائم الذي لاينفك عن صاحبه في كل الأوقات والأزمنة.
و بما أن الرضا نعم القرين فيجب أن يدخل في كل مفاصل حياتنا ومعاملاتنا سواء في:
1- نظرتنا لذواتنا وتقبلها كما هي بعيوبها ومحاسنها (مع العمل على تشذيب العيوب واصلاحها) فذلك يمدنا بحالة من الوفاق والتصالح النفسي.
2- على المستوى العائلي رضا كل من الزوجين بشريكه وتقبله كما هو وهذا يقوي الأواصر الأسرية ويخفض نسب الطلاق في المجتمع.
3- على المستوى المهني الرضا يجعل الانسان يركز على نفسه وطاقاته بعيداً عن المقارنة بزملائه من المهن الأخرى فيكون الموظف مبدعاً ومنتجاً يعمل على تطوير نفسه بالإمكانات المتاحة وبذلك تنخفض نسب البطالة في المجتمع.
4- على المستوى الصحي الانسان الراضي يتمتع بصحة جيدة لأن الإنسان الساخط يُـتعب عقله وجسده بلا فائدة.
5- على المستوى الاجتماعي أغلب مشكلاتنا بسبب الحسد والنظر إلى مافي أيدي الناس وهذا كله ناتج من السخط وعدم الرضا بما نملك.
6- على المستوى التربوي زرع مفهوم الرضا في نفس الطفل وحب ذاته وشكله وتميزه عن غيره وإبعاد فكرة المقارنة مع الآخرين وبهذا ينتج جيل متوازن سليم نفسياً وأخلاقياً.
7- انخفاض نسب العزوبة عندما يقلل الشباب من سقف توقعاتهم ومعاييرهم الكمالية ويرضون بالمعقول.
فهل صفة الرضا فعلاً موجودة فينا؟ وماهي درجتها؟ وكيف نستزيد منها؟!
لنقف مع أنفسنا هنيهة ونردد من القلب ما ورد في زيارة أمين الله: (اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك ، راضية بقضائك ... ).
علّنا نرتشف من طمأنينة تلك القلوب الطاهرة ونستزيد من رضاهم أهل البيت فرضاهم رضا الله وحبهم حب الله.
اضافةتعليق
التعليقات