(إحمل أخاك على سبعين محمل). ياالله من أين نأتي بهذه المحامل؟!، لنطبقها في زمنٍ ارتفعت به مناسيب الطمع، ونقص الصبر والتأني، وتشتت الفكر، من أين نأتي بهذه المحامل لتكون دعامة رصينة لكبح نفس الإنسان ليعذر أخيه الذي كثرت سلبياته وجرفه تيار الحياة السريعة للاستملاك واللهاث وراء الملذات، من أين نأتي بهذه المحامل لحماية ألسنتنا من التسرع في الحكم!.
وصية أمين الأمة ومعلمها ببساطة تقول من تراه يعترض تحقيق غاياتك إحمل مقصده على سبعين محمل، فإن أسأت الظن وسوقت التهم والأحكام بحق أخيك دون أن تهبه عذرا يديم أواصر الرحمة بينكم فأنت دخلت مغارة متعددة الدهاليز، أولها ستولد بينك وبينه الكراهية والعداوة دون سبب واضح، وتنعدم الثقة ويولد الثأر، وإذا منعك كبريائك أو خوفك من شرح ما يجول بخاطرك أو معاتبته وأجبرتك المصالح لتتكلم معه بود وبينت له محبتك الزائفة وأنت تنتظر الفرصة للانتقام منه أو التشمت إذا حل به مكروه، أصبحت من المنافقين.
أما إذا حملت بقلبك الضغينة والكره وابتعدت عنه وأشحت بوجهك عنه وتخلخلت علاقاتك به وتصدعت، ران قلبك وأكل صفاتك الإنسانية بدرايتك أو بدونها.
وإذا كنت من المتسرعين بالحكم الذين يبنون ويعملون على أقاويل وتهم غير موثقة بدليل، ويحكمون على أساس أفكارٍ مسبقة مبيتة في عقولهم جمعت على أثر مواقف وتجارب عاشوها ذات يوم ويفرضون أحكامهما على الجميع دون تمحيص وتدقيق وسعة أفق، ويغيب عن بالهم إن الناس مختلفة وإن تشابهت ردات أفعالهم فلكل منهم أسبابه التي تدفعه للفعل، ليس الكل خبثاء أو عنيدين أو كارهين فهناك أفعال تتم من باب السهو والخطأ والتوهم والنية الصالحة وأسباب عدة.
فأنت قطعت صلة الرحم بيدك وإنفض من حولك الجميع وأصبحت وحيدا ليس لك معين تلجأ إليه بوقت الحاجة والضيق وكلا الحالات أنت الخاسر، وسوء الظن هي الصفة الغالبة التي باتت معروفة في المجتمعات العربية ومنها انبثق النفاق والكره وقطع صلة الأرحام، لماذا؟
لأننا لم نتأمل وندقق لعظمة وأهمية هذه الوصية لننجو من الدروب الظلمة ومطبات المواقف ونصدر أحكامنا بتروي وتمهل ورفق.
يا الله من أين نأتي بهذه المحامل؟!
اضافةتعليق
التعليقات