تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي من الظواهر الاجتماعية القلقة والتي تنتشر حول العالم، وتُعِد فيها مراكز البحوث الدولية العديد من التقارير، ويتم رصد الظاهرة بشكل متواصل من قِبل المؤسسات الحكومية، والجامعات، والمنظمات الاجتماعية؛ لما لها من مخاطر على المجتمعات وغالبا ما يتمّ فهم التحرّش الجنسي بشكل خاطئ.
ولوقت طويل كان يُعتبر أحد المحرّمات التي لا يجب التحدث عنها بل ولم يكن الناس حتى يستخدمون كلمة “تحرش”. لكننا نؤمن أن هذا لا يُعد مبررًا لتجاهل التحرّش أو للتظاهر بعدم وجوده، والأهم من هذا أن التحرّش الجنسي ليس أمرًا غير مألوف أو أنه يحصل بعيدًا عنا، فنحن جميعًا نراه يحدث يوميًا في مجتمعنا.
التحرش: هو مُضايقة، أو فعل غير مرحب به من النوع النفسي أو الجنسي أو اللفظي أو الجسدي. يتضمن مجموعة أفعال من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات مسيئة من منطلقات عدة.
أسباب التحرش
1. ضعف الإيمان؛ نعم إذا ابتعد الإنسان عن الله وعن القرآن وعن ذكر الله آخاه الشيطان وأصبح قرينه؛ قال الله تعالى ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ الزخرف: 36.
2. غياب دور الوالدين؛ ما ضيع الأبناء إلا إهمال الوالدين لتربية الأبناء تربية سليمة؛ وعدم مراعاتهما للمسؤولية التي كلفهم الشرع بها.
٣.السلبية (عدم قيام الناس بالواجب عليهم من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر)؛ يجب على الناس أن يواجهوا هذا المتحرش بنهيه عما يرتكب من جريمة بشعة في حق أخواته المسلمات.
4. التبرج والسفور؛ إن خروج النساء والفتيات متبرجات سبب رئيس في اشعال نار الفتنة عند الرجال والشباب.
5. تعقيد الزواج وتعسير مؤونة الزواج حتى عف الشباب عن الحلال وبحثوا عن الحرام.
6. بعض وسائل الإعلام التي أفسدت علينا حياتنا ومجتمعاتنا ونساءنا وبناتنا وشبابنا؛ إن ما يعرض علينا في شاشات التلفاز المدمر من عري وتبرج وانتهاك لحرمات الله في مسلسلات وأفلام ومسرحيات ماجنة؛ والكل يشاهد ذلك الفساد الرجل والمرأة والشاب والفتاة والأخ والأخت وهنا تقع الكوارث.
7. غياب العقوبات هو السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة التحرش لأن المتحرش يعرف انه لحيانا لن يحاسب ولن تفرض عليه عقوبة تردعه عن فعله.
لماذا لا يفعّل قانون التحرش؟
يلفت الناطق الرسمي باسم وزارة المرأة بالحكومة العراقية، محمد حمزة، ويقول لـ"الخليج أونلاين"، إن وزارته بدأت بفتح تحقيقات ونظمت دراسات منهجية للتعامل السليم مع مشاكل التحرش الجنسي، لكن "لا يوجد تعاون حقيقي مع القضاء والبرلمان التشريعي. وعلاوةً على ذلك، تم إيقاف عمل الوزارة وحلها بقرار تقليص من رئيس الوزراء".
وبيّن أن "وزارة المرأة كانت مهتمة بالحفاظ على حقوق المرأة، لكن هناك عجز اقتصادي في ميزانية الدولة، لذلك تم دمج بعض الدوائر والآن ملف المرأة تابع لدائرة تمكين المرأة في مجلس الوزراء".
من جانبه، يعلق الحقوقي غسان عبد الله على الأمر بالقول: "التحرش الجنسي يعتبر أحد أشكال العنف، وقد تنتهي آثاره بنتيجة خطيرة تتمثل بجرائم اغتصاب".
واستدرك قائلاً: "من الناحية القانونية، نظر المشرّع العراقي إلى التحرش الجنسي عبر قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، وأفرد له المواد (402، 401، 400) تحت عنوان الجرائم المخلة بالحياء، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على ثلاثين دينار..
وتابع في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "القانون موجود ومفعّل، لكنه لا يطبق ويُهمل بلا فائدة؛ إذ تتستر المرأة على حقها وتتنازل عنه؛ بسبب عدم مساندة المجتمع لها، وضعف أداء لجنة حقوق الإنسان في الحكومة، فالمشكلة معقدة وبحاجة إلى عملية تشاركية وإصلاحية جدية بين القضاء والرأي العام في المجتمع العراقي".
حلول وعلاج ظاهرة التحرش
ومن أهم الحلول التي يجب أن توضع للحد من هذه الظاهرة الخطيرة على المجتمع:
١- ضرورة تشديد القوانين التي تحاسب المتحرشين في قانون العقوبات العراقي.
٢.التعاون مع المؤسسات لإقامة ندوات تقدم النصائح لكلا الجنسين للحد من هذه الظاهرة وكذلك التعاون مع خطباء المنابر لإلقاء محاضرات بخصوص هذه الظاهرة.
٣. العمل على مراقبة الأفراد لما يشاهدون في وسائل الإعلام وخاصة التي تساعد على الانحراف من أفلام ومسلسلات وصحف وكتب وأشرطة مضغوطة وغيرها.
4- العمل على رفع المستوى الثقافي والاقتصادي للعراقيين عن طريق المؤسسات الإعلامية والثقافية.
٥.محاربة الفقر والبطالة للحد من هذه الظاهرة.
٦.وضع الرقابة وتشديدها في الأماكن التي يحدث فيها التحرش لردع الأشخاص الذين يقومون بهذا الفعل الخطير على المجتمع.
حرصت الشريعة الإسلامية أن تقيم مجتمعًا مستقيمًا يعيش أفراده في سلام نفسي ومجتمعي، ليحققوا الغاية العظمى من استخلاف الله لبني آدم في الأرض، ألا وهي التعبد إلى الله بعمارة الأرض، ولذا كانت المقاصد العليا للشريعة الإسلامية والتي تمثلت في حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال، هي الغايات التي جاءت التشريعات والعبادات من أجل تحققيها لكي تستقيم حياة العباد في أمور دينهم ودنياهم وتتحقق مصالحه.
وقد أرسى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تلك المقاصد العليا للشريعة الإسلامية في خطبة الوداع عندما قال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال: "اللهم هل بلغت.. اللهم هل بلغت".
ولكن يأبى بعض شياطين الإنس إلا أن يهتكوا مقاصد الشريعة من أجل إشباع شهوة شيطانية يفسدون بها في الأرض، وجرفتهم شهواتهم المحرمة إلى الاعتداء على النساء والتحرش بأعراضهن بالكلام تارة وبالنظرات تارة وبالجسد تارة أخرى.
لم يتركنا الله سبحانه وتعالى ولا نبيه المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتقاذفنا أمواج الشهوات، بل وضع الشرع الشريف محاذير وقطع كل السبل التي قد تؤدي إلى انتهاك الأعراض فأمر الرجال والنساء على حد سواء أن يغضوا أبصارهم ولا يطلقوها هنا وهناك للبحث عما يثير غرائزهم، وجاء تحريم الملامسة وكل ما يثير الغرائز، فقال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، وقال كذلك: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حتى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
اضافةتعليق
التعليقات