قد بدأ شهرٌ جديد من حياتنا، شهرٌ فيه هبت نسائم الرحمة والصلاح، شهرٌ قد اجتمع فيه من كل بقاع العالم ليكونوا قريبين إلى الله تعالى، قال في كتابه الكريم: ((وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)).
في هذا الشهر الذي بدأت أرواحنا معلقة بالأمنية التي يتمناها كل مسلم أن يكون مدعوّا عند ذلك البيت العتيق وفي ضيافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته الكرام عند تلك القبور المهدمة في البقيع.
فحين نذهب هناك نجد نفوسنا قد تجلت بحب الإله الواحد، وحلقت أرواحنا بين صفوف المصلين وفيما هي هناك وجدت فيها شعوراً لا يوصف، فقد حلت الدموع وجناتي والعيون غرقى في بحر جوده وعطائه، فرفعت كفي مرتجيا عفوه ومنّه عليَّ بالرحمة والمغفرة.
فالكل لاجئ للمعبود منشغل بالدعاء والمناجاة، فوجدت هنا شيبة تدعو ربها بأن يرحمها عند الموت وأن يبعد عنهم السوء والمكروه، وهناك مجموعة من الشباب لجأوا لطلب المغفرة وفتح باب التوبة لله، يرجون خالقهم بأن يعفو عنهم وأن يمحو ذنوبهم وكل سيئة فعلوها في دنياهم، وقلوبهم متلهّفة للقاء ربهم مشتاقين لدموع الدعاء في تلك الأرض الطاهرة.
فالدموع هناك لا تقف عند الكل، فكلهم مقصرون بحق رب الكون وخالقه، وعطايا الله لا تقف عند حد، فهو كريم يكرم من يأتي إليه وقلبه ملأ بحبه عطش اللقاء ليغرق عيونه بخشوع الدعاء والتماس الرحمة منه.
ففي كل مرة يختلف الشعور في الحج وهناك شيء مختلف عندما يأتي الحاج في كل عام، فهو يتجلى في قلبه حبه للمعبود وكل مرة يزداد تقربه ويفصح عن ذنوبه ويمد يد الدعاء إليه حتى يغفر له كل خطيئة.
فحينما تسألهم يقولون إنها الحياة والرحمة الإلهية حيث الوقوف بين يديّ الله شيء عظيم لا يمكن وصفه، ولا تفسيره، يعجز اللسان عن الإلمام بصفاته، فهو النور العظيم والروحانية في المكان.
فحين تقبل شباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد يُغشى عليك، وتنهمر دموع عينيك وأنت عند جد الحسين الشهيد (عليه السلام)، فآه عليك يا أبا عبد الله، الحسرة عليك كبيرة فأين أنت يا صاحب الأمر، فالقلوب حيرى واللهفة كبيرة والشوق يستوطن القلوب يؤلمها عطش اللقاء، فهذا عام جديد من الحج وأنت غير موجود، ونحن مازلنا ننتظر..
فدعونا في هذا الشهر المبارك ندعوا كي يمنّ علينا الرحمن بنظرة رحيمة وأن يعفو عنا ويغفر خطايانا، اللهم أحفظ حجاج بيتك الحرام وضيوف الرحمن اللاجئين إليك من همّ الدنيا وآلامها.
فالسلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسلام على الحسين عليه السلام والسلام عليك يا صاحب الزمان (عج).
اضافةتعليق
التعليقات