جرت العادة في المجتمعات تقديم الهدايا في اعياد الميلاد لصاحب المناسبة في يوم مولده أو ليلتها وتهنئته وهو بدوره ينتظر تلك المناسبة بشغف كل عام ويترقب على ماذا سيحصل هذا العام من الهدايا القيّمة.
ولكن لماذا نقدم له الهدية وهو لم يقدم أي انجاز سوى إنه وُلد ذلك اليوم!
إذن من صاحب الهدية الحقيقي؟
إن صاحبة الهدية هي الأم، نعم انها الأم التي يجب عليه هو أن يختار لها أجمل هدية وأغلى مايملك امتناناً على معاناتها في ذلك اليوم العصيب.
فهي التي تحملت تعب الحمل تسعة أشهر دون تذمر وكذلك آلام الطلق والولادة لتقدم له هدية الوجود في هذا العالم.
ومنذ اليوم الأول وهي تسخر كل ماتملك من طاقات في خدمة هذا المولود مادياً ومعنوياً من سهر وتعب ورضاعة واهتمام واطعامه وتمريضه وجميع أموره.
اذن على كل شخص يوم مولده أن يقدم الهدية لأمه لا العكس وأن يشكرها ويقبّل أقدامها قبل كفوفها على ما عانته في ذلك اليوم ليخرج إلى الدنيا بكل حب ولهفة متناسية تلك الآلام التي تفصلها بين الحياة والموت.
ليس عليه فقط انتظار مناسبة عيد الأم التي تصادف في التقويم الميلادي ٢١ من مارس.
إنها رحمة الله في الأرض إنها (الأم).
وعندما نتمعن في تلك المناسبة نتفكر في عظمة الأم وحنانها والأمان الذي تضيفه للحياة، ولكن عندما نعود لتاريخنا الاسلامي وحياتنا الواقعية لن نجد أعظم من سيدة العالمين ليكون مولدها هو عيد الأم الحقيقي لكل البشرية.
إنها فاطمة الزهراء صلوات الله عليها تلك الحوراء الانسية التي استبشر واستهل فرحاً بولادتها سيد الخلق أجمعين نبي الله الأعظم سيدنا محمد صل الله عليه وآله وسلم لتكون الأم الحنونة العطوفة لجميع الخلق وهي رحمة الله لعباده المحبين لها كما قال رسول الله صلوات الله عليه وآله:
«وإنّما سمّاها فاطمة، لاَنّ الله عزَّ وجلّ فطمها ومحبيها عن النار»١.
انها باب الله وحجته على خلقه والوسيلة للحي القيوم تلك التي كرمها الله بالشفاعة الكبرى ورُتلت آياته بها وهي من أهل العباءة والمباهلة والمهاجرة وآية التطهير الذي افتخر الملك المقرب جبرائيل عليه السلام بأنه منهم وصاحبهم تحت الكساء.
لماذا نحاول دائماً طمس هويتنا الاسلامية والبحث عن النسخ الركيكة في المجتمعات والثقافات الأخرى والتشبث بمناسبات ليس لها كيان أو معنى ونحن لدينا منبع الحنان والمحبة والمودة والرأفة والسلام، ليكون عيد الأم الحقيقي هو يوم مولد البتول سلام الله عليها، ذلك اليوم المبارك الذي استبشرت به أهل السماوات قبل الأرض وهو يوم جليل تستجاب به الدعوات كرامة لتلك الحوراء الصديقة أم أبيها.
تلك التي امتحنها الله قبل أن يخلقها فوجدها صابرة محتسبة راضية مسلّمة لله عزوجل لتلك المصائب العظيمة التي منذ وقوعها أُنتهكت الحرمات بعد ما كانت محترمة مصونة.
يوم مولد الزهراء عليها السلام هو يوم تضرع لله ودعاء وطلب الحوائج وفرح وسرور ومواساة الأيتام والتوسعة على العيال واكرام الأخوان والأصدقاء.
اللهم بحق فاطمة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عجل لوليك الفرج واجعلنا من أنصاره وأعوانه لنُفرح قلب الزهراء.
اضافةتعليق
التعليقات