كل البشر ومن كل بقاع العالم يتمنى خدمة الإمام الحسين (عليه السلام) بكل شيء، وفي تلك الأيام كان هناك من بين الجموع التي بدأت بخدمة زوار الإمام، ولد أسمه عباس يبلغ من العمر 10 سنوات، وكان يتشوق لتلك الخدمة في كل حين وكل لحظة، وكان يحسب الأيام ويعدها لكي يأتي اليوم الذي يخدم فيه الزوار بموكب ما، فكان هناك معه مجموعة من الشباب يقومون بخدمة الزائرين في ذلك الموكب، فأحدهم كان يرفع مكبر الصوت (السماعة) حينما يسير الموكب، ويضربون ظهورهم بتلك السلاسل الحديدية، وهناك شاب آخر يرفع بيده صورة للموكب كتب عليها (موكب لبيك يا حسين)، والكل هنا وهناك يحمل شيئا ما، إلا هو، فكلما أراد حمل شيء أخذوه منه، وفي أحد الأيام حمل تلك السماعة لذلك الرادود الحسيني، وبعد لحظات أتى ولد أسمه علي قال له أعطني السماعة أنا أحملها، لكنه لا يريد أن يعطيها، فيهز برأسه له بـ كلا، ذهب علي لصاحب الموكب وأخبره بما يريد، فأتى ذلك الرجل وأخذ السماعة منه، وأعطاها الى الشاب علي، فكانت الدمعة والحسرة على وجناته تبكي ألماً.
وفي يوم آخر أخذ عباس يوزع الماء على الناس، فأخذوا الماء منه وصرخوا عليه موبخين، فسار عباس إلى بيته يبكي والدمعات تملأ وجهه الحزين، فأخذ قلما وورقة وقام بكتابة رسالة الى الإمام (عليه السلام) قال فيها:
يا مولاي أنا أحبك وأعشق خدمتك، فأنت مولاي وحبيبي، كم أود أن أخدمك، لكن لا أحد يريدني، كل هذا يحدث معي لأنني لا أقدر على النطق، لما الكل يطردني؟، فأنا أعشقك وجعلت روحي فداك يا مولاي.
وبينما هو يكتب الرسالة في تلك الليلة، حدثت رؤيا لصاحب الموكب حيث أنه رأى الإمام يوصيه بأن يرعى عباس ويطلب منه أن لا يطرده من الخدمة في الموكب، وقد رأى صاحب الموكب لون وجهه قد أنقلب للسواد، هنا أصابه الفزع وقفز من نومه وشعر بالندم، فقال:
حينما يحل الصباح سوف أذهب الى عباس وأرضيه، وخرج يبحث عنه في كل مكان، وفي تلك اللحظات التي كان يبحث فيها عنه صاحب الموكب، ذهب عباس ليضع رسالته في المجلس فوق ذلك المنبر الحسيني وخرج، وبعد لحظات أتى صاحب الموكب للمجلس، دخل وجلس على المنبر ولم ينتبه للورقة، فأخذ يوبّخ نفسه ويلومها وجلس يبكي ندماً لما فعله بـ عباس، وإذا بعباس قد سمعه وأتى إليه، فاحتضنه وبكى وقال له: من الآن فصاعدا أنت من يخدم هنا، وسوف تخدم معنا في هذا الموكب.
فالحمد لله الذي جعل لنا هذه الخدمة لنتقرّب من خلالها الى مولانا وأحزانه، فلا نمنع شبابنا من الخدمة حتى وإن كان لا يصلي، فعلينا أن نأتي به للموكب ونحتضنه ونرعاه ونربيه على حب الحسين عليه السلام، فالإمام هو الذي يهديه للحق والصواب وطريق الحق، لأن شباب اليوم يحتاج الى من يوجهه، ويريد من يأخذ بيده، لأنه ضائع عن الحق ولا يعلم ماذا يفعل بالضبط، فحينما يأتي إلينا أحد الشباب، علينا أن نجلبه للخدمة الحسينية، فهؤلاء هم الجيل القادم في خدمة أبي عبد لله حتى لا يتعرضون للضياع، فالحسين خط بسيفه الحب والوفاء وزرع نهجه في قلوبنا ليزهر بالأجيال التي تخدمه وتسير زحفاً للقياه.
فالحسين هو الحب..
الحسين هو السعادة..
وبالحسين تنير قلوب شبابنا..
بقلمي كتبتُ حروف العشق لسيدي ومولاي، لطفل كان أخرس لا ينطق، لكن حبه الفطري للحسين، لا يُعرَف نوعه فهو قد تخطى الوصف ومعناه.
وفي الختام أريد بمقالي هذا أن أبيّن لمن يهمه الأمر، أن علينا جلب الشباب واحتضانهم، وليس طردهم لنزرع حب الحسين في قلوبهم ولنسقِهم عشقه قطرة.. قطرة.
اضافةتعليق
التعليقات