ها قد طل شهر عاشوراء، لنرتدي السواد ونعلن الحداد على "ثروة" آل بيت محمد (ص) الذين سفكت دمائهم الطاهرة من اجل اقامة دولة العدل واعلاء صوت الحق بقيادة السبط الشهيد الحسين واخيه الصنديد حامل الراية ابا الفضل العباس (عليهم افضل الصلاة واتم التسليم).
ريثما تشير عقارب الساعة الى ذلك الوقت من ذلك اليوم الاول لإنطلاق ثورة الاصلاح، تلك الثورة العظيمة التي لم تَعرف الانسانية مثيلاً لها، والتي خلدها التأريخ ورَتلتها الاجيال تلو الاجيال بشفاه عطشى من الكبار والصغار، لن تشرب الماء حتى تَذكُر عَطش الحُسين وآل بيته الطيبين الطاهرين، وتنعاها النساء مع بناتهن الصغار بإقامة مجالس العزاء لأستذكار ظليمة زينب الحوراء ومواساة امها الزكية فاطمة الزهراء "عليهن السلام" الى يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر محرم الحرام الذي قُتل فيه الحسين (ع) ومن بقيَّ معه لتُرفع رؤسهم على سنام الرماح وتسبى نسائهم وتُهتك حرمتهم..
ثورة لا ينطفأ جَمرُ نيرانها في قلوب المؤمنين والمحبين مهما طال الزمان لِتعود وتتأجج في كل عام، حتى امسى الألم يزداد ويزداد لكُثرة الظلم وطغيان الظالمين بإراقة دماء المسلمين اين ما كانوا وبغير حق..
تُذرف الدموع وتُلطم الصدور عندما يَعلو صوت الناعي والخطيب ويكثر النحيب لمصاب الحبيب، في هذا الشهر الحزين تختلط مشاعر الموالين ومنهم الاطفال الصغار بين الأسى والفرح بتقديم كل ما يملكونه، وبكل ما يستطيعون من قوة ونشاط لخدمة زوار إمامهم كما يفعل ابائهم، وهم يرحبون بقدموهم وينشدون ما تعلموه للنصرة بالتلبية وتجديد العهد على الثبات والثأر..
عاشوراء تلك الثورة التي انتصرت بدماء "ثروة" آل بيت النبوة (عليهم صلوات الله وسلامه اجمعين) كان يُراد بها اصلاح امور الأمة ونُصرة المظلومين والقضاء على الظالمين، خَرج بها الإمام وهو عازم على دَحر الباطل وإظهار الحق، مع النساء والاطفال وآل بيته الكرام مضحياً، ومدركاً لِما سيحدث لهم، من اجل نَشر السلام ورفع راية الاسلام، واختار الموت حراً على الحياة مظلوماً، خاض تلك الثورة بعزم وثبات حتى آخر رمق لديه، فقد رأى بأم عينيه ذبح رضيعه الصغير ليرفعه كقربان نحو السماء، وقمر العشيرة الذي انطفأ نوره على الشريعة، ذاك الاسد الكافل قطعت كفاه ومات حسرة وهو يبكي لعدم وفائه لسُكينةَ والعطاشى بإيصال الماء..
رأى الخيام تحترق وحالة من الهلع نزلت بالاطفال والنساء، يتامى تتلوى عطشاً وأُم تنعى رضيعها وعريس زُفَّ الى الموت وتَحّنَت يداه بالدماء، وعقيلة تُضرب بالسياط وهي ممتحنة بالأرامل والأيتام مواجهةً ظُلم الجبناء..
وهو ينظر الى اصحابه واهل بيته قد لقوا حتفهم واحداً تِلو الآخر الى أن بقيَّ وحده ضمآناً مُحتسباً مُنادياً ألا من ناصر، ذُبح وهو يُردد الشهادة ويرجو من الله القُبول..
على تلك الحشود المليونية الموالية ان تَستلهم من ثورة الحسين (ع)، ان تبذل قطرة في بحر ما بذله الحسين، ان تسلك طريقهُ وتَدرس وتُدرس نَهجه، ان تحيا حُرة أبية، أمة محمدية تسمو بالكرامة وتتميز بالرسالة، على النساء المواليات ان يقتَديَّنَ بفخر المخدرات زينب (ع) وينهلن من إيمانها وعزمها وصبرها ويلتزمن بأمور دينهن ويتمسكن بحجابهن ويساندن اخوانهن وازواجهن وابنائهن وبناتهن للسير على نهج الحسين ونصرة الحسين، خيراً لتلك الدماء التي تُراق على ارض المعركة لمواساة الإمام، أن تُراق من اجل الحفاظ على ارض الوطن وصون العرض ..
فإن الحسين شعلة إتقدت للحفاظ على الدين وردع الكافرين، لبيك يا حسين يجب ان لا تكون قولاً فقط بل فعلاً والتزاماً بتعاليم الدين الحنيف، عن النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم (ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة فمن تمسك بها نجا ومن تخلف عنها ضل وهوى).
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى ابناء الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى اخيه ابي الفضل العباس قمر العشيرة، عليكم منا سلام الله ما بقينا وبقي الليل والنهار، اننا على العهد لباقون ولثأركم لطالبون وبتعجيل فرج وليكم لداعون، لعن الله امة ظلمتكم ولعن الله امة قتلتكم ولعن الله امة سمعت بذلك فرضيت به.
اضافةتعليق
التعليقات