أصوات الطيور تملأ الارجاء وأشعة الشمس تدفقت من نافذتي رغم قوتها الا ان النسمات ربيعية وكأن اليوم عيد، ليدوي صوت امي بتعالي: (نور استيقضي سيأتي اخوكِ بهذا اليوم المبارك)..
انه يوسف امي سيعود اليوم من السفر، لكن لحظَة (يوم مبارك)! ماذا تقصد امي، نهضت بجسد متكاسل، دوت في مسامعي صوت زغاريد، انه اتى مؤكدا كل هذه الضجة لحضوره، نزلت لأرى تلاشي لهفة الانتظار وتبدد اللوعة من اعماق القلوب ولكن اتحسبوا انّ امي ستسكت لرؤيته يمتثل امامها؟ سيفقأ اللقاء مآقيها، وهاهي الدموع تتسربل من عينيها في حين ان الابتسامة فتحت في فاها طير يغرد، اقتربت لألقي عليه السلام، المنزل كلله الفرح بقدوم يوسف امي لكن الوضع غريب هل كل هذه الزينة لقدومه والحلويات والاقارب هنا ايضا، ماذا يحدث ياترى؟!
ذهبت نحو مضيف المنزل، انها جدتي وحولها الاطفال، هل تقصّ عليهم القصص!، كم هي جميلة جدتي، اشعر ان وجودها يجلب الخير للجميع وابتسامتها تعم كل من في الارجاء، الصغار جميعهم يصغون بهدوء لما تروي، اقتربت منهم لأستمع لحديثها، جلست كطفل صغير يتوق لحكايات جدته، لكن هذه المرة الحكاية مختلفة، تسربلت لأعماق قلبي رغم اني وصلت بعد ان شارفت المنتصف، ترتل عليهم قائلة: (فتقول حكيمة: فلما كان في جوف الليل قمت الى الصلاة، ففرغت من صلاتي ونرجس نائمة ليس بها حادثة. ثم جلستُ معقبة ثم اضطجعت.
توارى الليل فخرجتُ أتفقد الفجر فإذا أنا بالفجر الاول كذئب السرحان -هذا ونرجس نائمة- فدخلني الشك. فصاح بي ابو محمد (عليه السلام) من المجلس قائلاً: لاتعجلي يا عمة فذاك الأمر قد قرب.
فجلست وقرأتُ ألم السجدة ويس، فبينما انا كذلك وإذا بنرجس انتبهت من نومها فزعة فوثبت اليها وقلت (اسم الله عليك) أتشعرين بشيء؟. قالت: نعم يا عمة..
(استولى عليَّ التراخي) وأخذتني فترة وانتبهتُ بحس سيدي فكشفت عنها فإذا بي أراه (عليه السلام) ساجداً تلقى الارض بمساجده. فضممته (عليه السلام) فإذا به نظيف منظف فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) هلمي اليَّ بابني يا عمة، فجئت به اليه فوضع يديه تحت ظهره ثم أدلى لسانة في فيه وأمرَّ يده على عينيه ومفاصله. ثم اجرى له الإمام مراسيم الولادة)..
ثم اسرع ابن اختي السؤال، ومن هو المولود ياجدتي؟!
فردت عليه بصوت حنو: (انه مهدي الامة ومنقذ العالم، انه محمد بن الحسن بن علي العسكري (ع) ولد 15 شعبان 255ﻫ، في مدينة سامرّاء).
ثم سألها مرة اخرى: وهل توفي ياجدتي، وهل سينقذنا فعلا من الانفجارات والقتل، وان كان توفي كيف سينقذنا! امطرها بالأسئلة ولم تبخل عليه بالاجابة التي توضح له كل شيء..
(يابني هو لم يتوفَ، بل قيد الظهور، انها الغيبة الثانية وسيكون الظهور فيها انتهاءا للظلم والجور وانتشار الاسلام الصحيح، ثم رفعت يديها فوق رأسها وجميع من في المكان رُفعت اناملهم فوق الرؤوس ليرددوا بعدها: (اللهم عجل لوليك الفرج وسهل المخرج يالله)..
ياسيدي هاهي الايام تمضي بصمت وزمهرير الشوق يشكو طول الانتظار ووشوم غرست ابرها في الوجدان وروحي ترتجف هيبةً لتلك الطلعة، تتلهف عجلا، فبك أمل السلام بل انت الامل، قد ضاقت الثنايا، والعيون ذرفت كل الألم حتى جفت محاجرها، والقلوب كل يوم راجية الظهور، والانامل فور نطق اسمك تعتلي الرؤوس، عيل صبرنا وقلت حيلتنا ولا أمل لكشف كربتنا الا طلعتك الغراء ونورك الذي سيملأ الارجاء.
يا فرج الله يا مهدي طال بنا الانتظار فقم بسيف ذو الفقار.
(اللهم صل على حجّتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، والداعي إلى سبيلك، والقائم بقسطك، والثائر بأمرك، ولي المؤمنين، وبوار الكافرين، ومجلي الظلمة، ومنير الحق، والساطع بالحكمة والصدق، وكلمتك التامّة في أرضك، المرتقب الخائف، والولي الناصح، سفينة النجاة، وعلم الهدى، ونور أبصار الورى، وخير من تقمّص وارتدى، ومجلي العمى، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملأت ظلما وجورا).
اضافةتعليق
التعليقات