اليوم ونحن نعيش ذكرى عاشوراء الحسين الخالد، حسين البطولة والجهاد، فما أحوجنا إلى أن نجد حسيناً بيننا لا يقبل الظالم، لا يستغل المظلوم، يجمع ولا يفرق ولا يعرف سوى الحق ولا يقول إلا الحق.
الحسين مُسمى للسعي والخير والقدوة الحسنى، ذلك الذي ضحى بماله وعياله في سبيل الله ونصرة الإسلام، لم يستسلم للظًّلم، وصمد حتّى النهاية، إلى أنْ قتل مع أولاده وأصحابه. إنّه يدفع ضريبة قراره، ولا يرضخ لما رفضه فلقد غضَّ عن الماء، ولكنّه لم يغضض عن ماء الوجه.
لقد خُلدت الثورة من المؤرخين والعالم، ومن يتصفح مظاهر إحياء عاشوراء حول العالم ويلمح العبرات التي تنهمر من أعين المسلمين لا يكاد يصدق أن الواقعة المرثية قد انقضت منذ 1370 عاماً.. ذلك أن الله - في عُلاه- أراد لهذه الواقعة أن تُخلّد ليوم القيامة لما فيها من أرث، ومن دروس تختصر كنه الصراع الدنيوي بين معسكري الخير والطغيان، وتشرح مفهوم النصر الخالد - ولو- عبر الهزيمة الآنية..
تلك الدروس التي فهمها المهاتما غاندي فقال: ''تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر''، وغابت عن فهمنا فما استثمرناها.. فبين فئة ركّزت على تراجيديا الثورة على حساب رسائلها وأهدافها الكبرى، وبين فئة أخرى أهملتها وتجاهلت معانيها وتتعامل معها على أنها لا تخصه.. تبدد الإرث.. وبقي الرثاء.. وظلم بذلك الحسين واستشهد على يد محبيه ومناوئيه آلاف المرات.
قال الإمام الحسين عليه السلام: "أنا قتيل العبرة، قتلت مكروبا، وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب إلا رده وقلبه إلى أهله مسرورا".
وقال الأئمة إن أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله (عليه السلام) بشط الفرات، إذا عرف حقه وحرمته وولايته، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر: "وكل الله بقبر الحسين (عليه السلام) أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشية، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة وإن أيام زائري الحسين بن علي (عليه السلام) لا تعد من آجالهم".
أتت تسمية عاشوراء استناداً إلى اليوم العاشر الذي استشهد به الإمام الحسين عليه السلام، الحسين لم يكن مقتله صدفة أو حالة دنيوية عابرة، مقتل الحسين حاله إلهية صرفة، أراد الله عز وجل أن يجعل منه نبراسا للحرية ورفض الظلم والارتداد عن المبادىء التي أتى بها جده رسول الله وشعلة وهاجة يستنير بها الباحثين والمتمسكين بالمبادىء رغم كل مغريات الدنيا، ارتوى منها الكثير من عظماء العالم واستنارت أفكارهم بها.
اضافةتعليق
التعليقات