قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله".
نعم فالحب أخذ وعطاء. فمن يعطي الحب لا يكون في إنتظار أن يعطيه محبوبه مثل ما أعطاه أو أكثر. فحب الله لعباده لا يوصف فهو خالقهم فحبه يشمل الجميع المطيعين له والعاصين.
يروي أحد الشيوخ أنه رأى عقرباٌ مسرعاٌ فقال لنفسه: لأتبعه لأرى لماذا هو مسرع فتبعته فرأيته ذهب إلى شاب سكران نائم تحت شجرة وبجانبه حية تقترب منه لتلدغه فذهب لها العقرب فلدغها حتى ماتت وذهب، فأيقظت الشاب وقلت له أنظر لرحمة الله أنت تعصيه وهو يبعث لك من ينجيك من الموت، ألا يدل ذلك على حب الله تعالى لعباده.
ولو بحثنا عن الحب الذي يوصلنا إلى الله، فلن نرى غير حب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته، والأئمه من ولده.
فللننظر إلى عطاء الإمام الحسين عليه السلام وهو يقول: إذا كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى. فلو نظرنا إلى هذه العبارة، وما فيها من تضحيات للإمام الحسين عليه السلام في إستشهاد أصحابه منهم حبيب بن مظاهر وزهير بن القين والحر الرياحي الذي إنتقل من معسكر الأعداء إلى معسكر الإمام الحسين عليه السلام وحصل على الشهادة، وجميع من كان معه من أصحابه، ومن ثم أخيه أبي الفضل العباس عليه السلام الذي ذهب ليأتي بالماء للأطفال ولما وصل للماء وحس ببرودته أخذ بيده ليشرب فتذكر عطش الإمام الحسين فرمى الماء من يده وقال: يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أو تكوني تشربين بارد المعين هيهات ما ذلك فعال ديني وإمام صادق اليقيني. ولما رآه الأعداء إجتمعوا عليه من كل جانب وقطعوا يده اليمنى ثم اليسرى ثم ضربوه على هامته فسقط على الأرض فأتاه الإمام الحسين عليه السلام ووضع رأسه في حجره وهو ينزله، فقال له الإمام الحسين عليه السلام: لماذا تنزله؟ فقال له العباس عليه السلام: أنت الآن تضع رأسي في حجرك وبعد ساعة أين يكون رأسك؟ وبعده رأى مصرع ولده علي الأكبر عليه السلام وهو شبيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قولا وفعلا، ثم مصرع القاسم ولد أخيه الحسن عليه السلام، ومصرع ولده عبد الله الرضيع فيالها من مصائب وأخيرا مصرعه هو عليه السلام وقطع رأسه ورؤوس من كانوا معه وحملهم فوق الرماح.
وأخذ عائلته سبايا إلى يزيد عليه اللعنة. فقد رأينا ما الذي أعطاه الإمام الحسين عليه السلام من تضحيات بأصحابه وأولاده وأخوانه وكل من شارك معه في واقعة الطف.
وكذلك كل من كان معه من النساء والأطفال لأنه كان يعلم إنهم سيصبحون سبايا من بعده. فقد ضحى بكل ما يملك في سبيل إرضاء محبوبه وخالقه وهو الله سبحانه وتعالى.
وفي المقابل تضحية كل من شارك معه في واقعة الطف، من إخوانه وأبنائه وبنو عمومته وأصحابه حبا له وطاعةً له لأنه إمام زمانهم ويجب عليهم طاعته حتى يحصلون على رضا الله وحبه.
فلو رأينا أخيه العباس عليه السلام وهو يصل إلى نهر الفرات ويأبى أن يشرب الماء وأخيه الحسين عطشان. أو رأينا ولده علي الأكبر وكان أبيه الحسين عليه السلام يقول له: أرى الركب يسير والمنايا تسير ورائهم، فيقول له: ألسنا على الحق؟ فيقول له: بلى يا بني.
فيقول له: إذا لا نبالي وقع علينا الموت أو نقع عليه. وهكذا جميع من كانوا مع الإمام الحسين هم الخلصاء وهم الذين حصلوا على الشهادة وفازوا في الدنيا والآخرة.
وأخيراً أين هم هؤلاء الخلصاء الذين يبيعون الدنيا بما فيها من مغريات وملهيات ويتبعون إمام زمانهم الغائب المنتظر، الأصحاب الخلص الذين يبيعون الدنيا حباً له وطاعة لله، ولا يصوبونه بسهامهم وسيوفهم بذنوبهم، وهو من يدعو لهم ويحاول أن يخلصهم مما هم فيه، فلندعوا له ولننتظره بكل صدق وإخلاص دون النظر لقضاء حوائجنا للدنيا الزائلة، فهو في إنتظارنا، فلننادي جميعاً عجل يا صاحب الزمان عجل.
اضافةتعليق
التعليقات