أن يُخلق الناس على هذه الأرض ليس عبثاً ولا حتى أن يكونوا لا شيء عليها, حيث قال تعالى في محكم كتابه: (افحسبتم أنما خلقناكم عبثاً) (115 المؤمنون).
قد جُعل في كل روحٍ من أرواحِ الناس أمرٌ معين لا يعلم به لا الله سبحانه وتعالى, ومن اختارهم الله من الصالحين, ولكن يستطيع الانسان أن يغير مجرى ذلك بيديه, بأعماله عندما يقرر أن يرفع نفسه ويصلها بالسماء ويرتبط معها بعلاقة خاصة علاقة العبد بمحبوبه, هنا تكمن الأمور والتوفيقات الالهية بحد ذاتها.
ضمن البشرية خلق الله من أفاضل طينته أفراداً جعل العصمة في سلالتهم, وكان من بينهم الامام الصادق (ع) المؤسس لمدرسة الدين الاسلامي القويم, ركز دعائمها على التشريع الرباني والنبوي الذي توارثه من أجداده الماضين عن النبي الأكرم محمد (ص), وميز بين العدو المتخفي بين صفوف الناس, وبين الفقير اللائذ بقلبه أسفل خيمة العناية الالهية, مكتفياً عن ملذات الحياة لقرب ما قد وصل إليه من علاقة وثيقة بالله سبحانه وتعالى.
ميزهم الامام الصادق (ع) في أحد الحوادث التي كانت إحدى الدلائل عن عصمته وهو موقفه مع أحد الزائرين إليه وطلب منه الامام سلام ربي عليه أن يدخل التنور بعدما اسجر فيه النار فتردد بذلك, حتى جاء عليهم أحد أصحابه وكان يحمل نعله بين يديه وطلب الامام منه أن يدخل في التنور فدخل بها ورآه الزائر وهو متربعٌ في داخل التنور وخرج ولم يصبه خدشٌ واحد.
هكذا نحن اليوم نجد النار أمامنا ولا ندخل فيها ونحن نعلم بأنها تنجينا في العديد من البلايا, وقد تكون هي الواسطة التي تربطنا بسبيل السماء, إنما قد تعلقنا بتلك الملذات الدنيوية تاركين مدرسةً قد أسسها لنا صادق أهل البيت (ع) محتويةً على كتبٍ تجعلنا في أعلى عليين.
تخللت حياة الامام الصادق العديد من الدروس والمواعظ حيث اتسعت الحركة الفكرية في أيامه عندما تزعم الحركة الفكرية والعلمية مع ما لاقاه من الأذى ومع ما كان عليه ظلم الدولة الأموية على سائر العلويين آنذاك وحقدهم الدفين على أهل البيت (عليهم السلام) الذي توارثوه عبر الأجيال, لا يسع الحديث لحصر حياة الامام الصادق في أسطر إنما نحن الآن في تحديات تميز بها بين من قد يدخل التنور امتثالاً وحفظاً لسنة الرسول (ص) وما جاء به أهل البيت عليهم السلام اكمالاً لمسيرته, وبين من يفضل أن ينقضي عمره في اللاشيء متنعماً بزينة الحياة الدنيا.
فسلامٌ على بذرة الشيعة ومؤسسها ما بقي دهرٌ, وعلى تلك القلوب التي ثُلمت بفقده وانكسر بها ركن مدرسة الإله.
فانسبوني إلى حيث ذلك المعصوم, إلى حيث الذي استمر عليه الظلم بهدم قبابه الزكية في البقيع, ودعوا العمر يمضي كالرماد تذروه الرياح على تراب قبره الطاهر لتتلمس روحي عبق الطهارة والاباء, فما العمر وماجدواه ن لم نحظّ بتلك النظرة المباركة من جنابهم.
اضافةتعليق
التعليقات