كلماهبت نسمات الحياة نجدها أحاطتنا ملتفة من حولنا، وتأبى أن تغادرنا إلا أن تحلق بنا نحو زرقة سماوات هي الأنقى، نستصغي منها هتافا يضج بنداء الأمل والنصر والبشائر، وحيث هناك عدونا نلمس معالم للوجود غير تلك التي طالما خبرناها وعهدناها، أمواج من النور تتأهب لتغزو داحرة أحقاب التيه والضباب عن وجه أرضنا السمحاء، وكيف لا وقد وقعنا أسارى مستسلمين لسيطرة أنامل تلك النسمات الجبارة التي أخذت تفتح أعيننا على بحار من النور والحقيقة والجمال.
أم لعل دنيانا هذه تظن واهمة أننا نخلها تبقى تحول بيننا وبين احتفافنا حول إمامنا وفارسنا صاحب الأمر(عج)، لا بل لسنا نعدوها إن لم نسطر في صفحات تاريخها بأسره أننا الجيل الأكثر حضوة من بين كل أجيال التاريخ، حيث ارتقينا بهمة السعي إلى درجات المجد الذي ما بعده مجد وإذ نرى إمامنا يبارك فينا النواصي والجباه.. نرقيك أبدا مولانا بأسماء الله وبعزته وجبروته سنة نرثها ونستخلفها وأودعنا أمانة الدعاء عنده سبحانه، فاذا ما شرعنا لك بالدعاء ضجت جوارحنا مصدقة وأدلّت أنفاسنا بـ: آمين. وإذ غضى دروبنا فنسلكها ونحن نتقصى أخبارك من الروابي والبراري، ومن الجداول والبحار، واذا ما نظرنا للقمر أبصرنا صورته وضوءه على صفحات تلك المياه أقسمنا عليه مستحلفين..
بالله نسألك وأنت مطلا.. ألست أيضا ممن ينتظر مثلنا الفرج ويدعو له..؟
ألست بشاهد على أمانينا التي تقفوا آثار راعينا وتحدو إزاء خطواته خطوة بخطوة...؟
ألسنا نودعك الأمانة كل فجر فتشهد على دعواتنا إلى الله تعالى أن يصحب إمامنا بالسلامة يحفه بالنصر المؤزر من فوقه ومن تحته ومن بين يديه...؟
ألسنا نبعث إليه مع الطير سلاما وعند الصباح تحايا ودعاء ونوصيك أن تحرس أنت وتحيط خطواته نورا وضياءا...؟
مولانا يا صاحب العصر والزمان لو كنت وهما لجعلنا منك حقيقة ماثلة بكثرة دعائنا وتوسلنا إلى الله سبحانه وحسن ظننا به، فما بالك وأنت حقيقة تسود حجيتها كل الحقائق ووحدها حقيقتك هذه هي التي تبعث فينا الأمل، وستغير معالم هذا الكون بأسره، وتقارع عمد الكفر ودعائمه تلك التي طالما سعت أن تبقي الأرض غرقى بالبدع تعاني فساد جناتها الذين لكم من قد شيدوا عناوين باطلة لديمقراطية موهومة وحرية مسلوبة أساسا وشعارات خاوية مزيفة مانراها قائمة إلا بالسيف وبالدماء والمظالم والمغالطات والازدواجية، وراح يقطع أعداؤك أولئك أشواطا عميقة موغلة في الجريمة والتهتك يقوضونا بمجازر من الدماء، فغدوا لفرط ذعرهم وهلعهم يتوجسون من مجرد سماع اسمك منتدبا يجدونك متمثلا في سيماء كل شيعي بسيط وحسبهم هذا الهاجس وحده قاتلهم ومدمرهم ليمضي يفتك بأمانيهم الباطلة وأحلامهم الضالة، ثم استمر هؤلاء فراحوا يختلقون الأكاذيب من عندهم ويصدقوها بأنفسهم بعد حين ممنين النفس بالقضاء على دولتك وهم أدرى والله من غيرهم إن دولتك قائمة لا محال، وإن نفس ما طالما قد فروا منه أحقابا لاحقهم لا مفر وليجدوه ماثلا نصب أنظارهم لا محالة، وإن كل مشكلتهم التي تبقى عصية على إفهامهم إنهم عرفوا الحق فأبوه ورفضوه والتمسوا الباطل فسعوا إليه وعشقوه لتتشربه أرواحهم ملء أنفاسهم وليقبعوا أخيرا وما من خيار قد أضحى بجعبتهم سوى أن يكونوا مثلنا هم أيضا منتظرين ولكن بطريقتهم الخاصة.. ننتظر نحن الذين نصوب الأبصار مليا صوب سواحل إطلالتك المنشودة، وطلائع أنوارك الجلية نلتمس منك أن تجيب سؤال قلوبنا الذي طالما إشرأبت إليه أعناقا وأعناق أسلافنا من قبل الذين أودعونا وصايا تفيد بأن آمال الأجيال معقودة بناصيتك المباركة، ومصير الأرض وخلاصها مرتهن بظهورك وأنك تستغفر لنا خطايانا التي تحجبك عنا وإننا ننتمي إليك وتقبل أنت بنا لو تخيرنا فقط لأنفسنا وقد قال جدك رسول الله(ص): (أنا جد كل تقي) وإنك إمام تنتظر الفرج مثلنا حتى يأذن الله لك إذن على الله وعليك معولنا.. ثم ينتظرك أولئك الذين كادوا كيدهم وناصبوا جهدهم، وسعوا سعيهم لاستباحة دمأنا وأبادتنا وما على غير الباغي تدور الدوائر، وسيرضون بك هناك راغمين صاغرين زعيما وحاكما مطلقا تبسط نفوذك على كافة أصقاع الأرض وبقاعها جمعاء شاؤوا أم أبوا لأنك تأتي بالحسنى أولا وحسبها حجة تقرع كل حجة...
مولانا أسأل روابي الأرض ووهادها لكم ننشدها عن محط مواطنك أي فج حظي فيها سلكت وأي واد رضي فيها قطعت وقد تبنا لا نكتفي منك.. ها... بخطفة ظل، أو رفة رداء، أو همسة صوت،أو لمحة خيال.
اضافةتعليق
التعليقات