تزايدت أعباء المعيشة وفرضت تلك الظروف في عملية اختيار الشريك شروطا قاسية , كثيرون ينظرون إلى تلك الشروط إنها من ضروريات الحياة ومن أساسيات تماسك الأسرة , وآخرون ينظرون للموضوع إنه تفكير مادي سيء سبب مشاكل اجتماعية كثيرة وفاقم من قضية العنوسة كثيرا , وآخرون يرون إن الموضوع ليس من الضروري أن يأخذ الصفتين لا تماسك الأسرة ولا التفكير المادي النصيب هو من يتحكم في الموضوع في نهاية المطاف.
وهنا أقصد قضية (راتب الزوجة) عملياً وبعيدا عن كل تلك الآراء الموضوع شائع وموجود بقوة وفي كل البيئات السورية لا بل بات أيضا الشرط رقم واحد حينما يتقدم أي شاب لاختيار عروسته والراتب هو الشريك الأساسي لإتمام عقد الزواج , وإن كان للموضوع بعده الإيجابي لكن ثمة مشاكل أخرى كثيرة خلفها هذا الشرط الذي يسمى ( زوجة موظفة مع راتب وبلا قرض ) والسؤال ؟ هل تزوج هذا الرجل أو ذاك ليعـــول أم ليجد من يعـَــوله..
أصبحت نظرة البعض إلى الزواج نظرة مختلفة بل متخلفة ومادية جدا فلم يعد الرجل يرى المرأة تلك الحبيبة الصديقة.. بل أصبحت بالنسبة له ذلك الممول الرسمي لمشروعه (وهو الزواج ) والملاحظ ما يحدث الآن لم يعد اختيار الزوجة متوقفا على مستوى تعلمها بل على مستوى راتبها الذي تتقاضاه نهاية كل شهر حتى لو كانت موظفة على شهادة البكلوريا في وضع بات الزواج أشبه بوظيفة يشترط فيها عدة شروط ومؤهلات والزوجة مطلوب منها أن تشارك بأقساط تلك الوظيفة مع زوجها , وأما غير الموظفة وحتى لو كانت تحمل ارفع الشهادات العلمية وإن لم يترافق ذاك المستوى التعليمي براتب فعليها الانتظار طويلا وقد تدخل هي أيضا قافلة العنوسة لأنها وببساطة ( بلا راتب) و لأن المعطيات والمفردات خرجت عن النطاق القديم وتبدلت ظروف كثيرة فنحن حقا أمام قضية مركبة وظروف معيشية ضاغطة فتنزل الزوجة إلى العمل وتحصل على دخل من أجل ذلك ويترتب على عملها مواقف كثيرة : فإذا ما كانت العلاقات طبيعية والنفوس راضية بين الطرفين فلا مجال هنا للسؤال عن: لمن يكون راتب الزوجة أو من حق من أن يحصل على جزء منه، لأن الواقع أن أطراف هذا هذه المؤسسة الصغيرة يقومون على رعايته وعلى النهوض به وعلى إنجاحه وعلى القيام بكل ما يحتاجه البيت من تكاليف يحكم الزوج شعار التعفف ويحكم الزوجة شعار المشاركة والتعاون فهي لا تشعر أن هناك من يستغلها أو ينظر كم قبضت من المبالغ لأن الاثنين سواء , وثمة موقف آخر يريد فيها الزوج كامل الراتب دون أن يسئذنها بذلك أو يشكرها على ذاك الجهد والتعاون لتحمل أعباء ونفقات البيت والأطفال ومختلف الواجبات وهنا ستحدث المشكلة وتبدي الزوجة موقفها بشعار واضح نعم للمشاركة لا المصادرة ونقف بالتالي أما بوابة الخلافات الزوجية راتب الزوجة هو المفتاح للمشكلة وبوابة للحلول أيضا.
راتب الزوجة وبوابة المشكلة
إن وقفنا على قضية راتب الزوجة سنقف بالتالي أمام قضية شائكة تهدد استقرار الأزواج والزوجات معا الموضوع في وقتنا بات مختلفا أكثر الراتب قضية حساسة ومؤثرة على كيان الأسرة ككل، وثمة حالات انتهت بالطلاق بسبب قضية الراتب ويشير الكثير من المتابعين بأن قضية تنازع الزوجين على راتب الزوجة العاملة من أكثر الأسباب المطروحة للطلاق لأن الزوجة ترى زوجها يسلبها حق التصرف بهذا الراتب والزوج له آراء أخرى.
ويبقى السؤال المطروح
لماذا تبدأ الخلافات الزوجية من راتب الزوجة؟ وهل الزوجة لها الحق الأوحد براتبها مادامت تعيش في قارب مشترك مع زوج وأطفال وفي وقت تبدوا الأزمة الاقتصادية والغلاء المعيشي في أوجه؟ وإن لم تعطي ذاك الراتب لزوجها كيف ستنفقه وأين ستنفقه وما دورها الأسري والاجتماعي تجاه الأزمات الاقتصادية التي تمر على حياتها الزوجية؟
هل لها كل الحق في راتبها أم بمقدار معين؟ كيف سيتقبل الزوج إحجام زوجته عن المشاركة المنزلية في تحمل كل التكاليف معه؟ والرجل لماذا ينظر إلى راتب زوجته؟ ألم نتعود في مجتمعات الشرق إن الرجل هو ربان السفينة المنزلية والمرأة فقط مشاركة؟
ماذا لو منع الرجل زوجته من الوظيفة حينما ترفض مشاركته في المصروف لماذا لا تقوم المرأة بالتطوع فعلا في العملية على إن الزواج مشاركة وعلى الزوجة مشاركة زوجها في الظروف المعيشية بقناعة من نفسها ودون ضغط من الزوج، وإذا كان الزوج غير انتهازي فعلى المرأة أن تساعده في مصاريف بيتها لأن متطلبات الحياة باتت تفوق استطاعة الكثيرين موظفين وغير موظفين فعليها بالتالي أن تقف بجوار زوجها متى ما احتاج لمساعدة مالية.
مواقف مختلفة
ونتيجة الظروف الاقتصادية وزيادة تكاليف المعيشة كثيرات يدخلن سوق العمل لتشارك زوجها أعباء تلبية احتياجات أسرتها وثمة كثيرات هن أكثر فاعلية من الرجل في تحمل الأعباء من الزوج نفسه فتصرف كل راتبها على بيتها وأطفالها وثمة رجال يحاسبون المرأة على كل قرش تصرفه حتى لو كان راتبها الخاص بها ويستدعينا السؤال.
هل الراتب مفتاح للاستقرار أم بوابة المشاكل الزوجية؟
بعض السيدات ينظرن إلى هذا الموضوع من زاوية أن الزوج هو الوحيد الذي يتحمل مسؤوليات الحياة الزوجية كاملة، فلا يطمع في مال زوجته، وهو واقع يرفضه الأزواج خاصة ذوي الاحتياج وأصحاب الدخول المتدنية مما يتسبب في إشعال نزاعات زوجية قد لا تنتهي وتكون من أكثر منغصات الحياة الزوجية وقد تنتهي بعض هذه المشاكل بالطلاق وفي المقابل نري إن نسبة لا يستهان بها من هؤلاء النساء لا يتمتعن بحرية التصرف في رواتبهن ولا يحق لهن حتى مجرد التفكير بكيفية صرفه أو شراء ما يرغبن به أو هنّ في حاجة لها.
القضية أصبحت تهدد استقرار الأزواج والزوجات وقد تكون المؤشر الأقوى الذي يهدد كيان أسر كثيرة ويؤكد الكثير من المتابعين في سلك المحاماة والقضاء الشرعي إن منازعات الأزواج علي راتب الزوجة العاملة من أكثر الأسباب المطروحة للطلاق لأن الزوجة تري أحيانا أن زوجها يسلبها الحق في التصرف بهذا الراتب بالعلم إنها مشارك أساسي في كل الفواتير المنزلية.
تقول السيدة حنان الموظفة في إحدى الدوائر الحكومية: طبعا أشارك زوجي في مصروف البيت ولكن لا أخفي إنه كان سببا لمشاكل كثيرة في حياتي الزوجية وبالمقابل الراتب هو من أهم الضمانات عندي كي لا احتاج حين النفقة وتلبية احتياجاتي الشخصية ومستلزمات بيتي وأطفالي لأحد أوافق تماما إن راتب المرأة هو المأساة الحقيقية التي تقع فيها أغلب الموظفات.
شراكة حقيقية
ترى السيدة أم علي التي تختلف رؤيتها لراتب الزوجة بان الزوجان شخصان يكملان بعضهما البعض والمفترض ألا تفرقهما الفاتورة الخاصة بكل احتياجات البيت فأنا أعمل الآن منذ سنوات عدةّ زوجي هو من يستلم راتب ولا أسأله عن هذه المسألة لأننا متفهمين تماما إن الراتب عليه أن يكون مفتاح الاستقرار الأسري لا بوابة الخلافات.
الراتب أمان للمرأة
كثير من السيدات يقتحمن ميدان الوظائف والعمل لتثبت نفسها شريكة للرجل وكي تقي نفسها شر الحاجة إذا ما حدث في حياتها أمر استثنائي كوفاة الأب المعيل أو طلاقها من زوجها تؤكد السدة ميهان أن بعض الرجال يتزوجون الموظفة من أجل الراتب الذي تتقاضاه وتشير إلى أن كل شاب كان يتقدم لخطبتها يستفسر عن وظيفتها , راتبها , هل سحبت قرضا من البنك أم لا ؟ وزوجها الآن هو المتصرف بكل ليرة تتقاضاها نهاية الشهر كما تقول وفوق كل ذلك يتحكم بها ويفرض شخصيته القوية عليها.
وتشير الأستاذة كوثر إن مرتب الزوجة الشهري من حقها ولا يحق لأحد التصرف فيه بدون موافقتها ولا يجوز أن ينظر الزوج إلى هذا المال على انه ملك له بحكم حق العلاقة الزوجية.
كلمة أخيرة
الزواج مؤسسة تحتاج لتكافل كل الأعضاء والتعاون هو سر النجاح والزوجة التي لا تشارك زوجها في الآلام والمتاعب التي يعيشها، وحين المشاركة معه سترى في تلك الآلام متعة تضفي روح المحبة والتعاون على حياتهما الأسرية وتشعر بالتالي زوجها خلال تلك المبادرة بالتكافل والترابط الأسري وذلك في المساهمة ببعض التكاليف والمصاريف اليومية دون إحساسه بتلك المبادرة أو تكبر عليه، وعلى الزوج تفهم معادلة إن الحياة الزوجية شراكة حقيقية دون تسلط أو مصادرة لأبسط حقوق الزوجة وهو الراتب.
اضافةتعليق
التعليقات