لو تأملنا في القضية المروية عن مولانا الصادق عليه السلام عندما جاءه الحسن ابن سهل الخراساني وسأل الإمام القيام بالثورة بحجة أن في خراسان مائة الف من شيعتك قادرين على القيام معك، فأمر الإمام الصادق خادمه بأن يسجر التنور ثم أمر الخراساني في الجلوس بالتنور، قال الخرساني: يا ابن رسول الله لا تعذبني بالنار اقلني اقالك الله.
في تلك الاثناء أقبل هارون المكي فقال الإمام له اجلس في التنور وصار الإمام يحدث الخراساني، ثم قال للخراساني قم وانظر ما في التنور، فقام ورأى هارون المكي متربعاً سالماً.
فسأل الإمام الرجل الخراساني: (كم تجد بخراسان مثل هذا؟).
السؤال هنا مالذي جعل هارون المكي يجلس في التنور من دون أن يسأل عن السبب أو الحكمة، ومن دون أي تردد؟
الجواب يكون: بسبب قوة عقيدته.
العقيدة: لغوياً مأخوذة من الفعل عَقَد أي ربط وأوثق العقد بقوة.
اما اصطلاحاً فعُرِفت العقيدة بشكل عام على أنها ما يعقد الإنسان عليه قلبه عقداً مُحكماً لا شك فيه.
أي أنها القاعدة لكل ما يؤمن به الإنسان ويعمل من أجله.
للعقيدة تأثير على الأفراد مما يؤدي الى تأثيرها على المجتمعات فإما الأرتقاء بها وإما تحطيمها.
- أثر العقيدة في الجانب العقلي: تُعد العقيدة أفضل أنواع الغذاء والوقود للعقل إذ أنها تُجيب عن أكثر تساؤلاته عن المستقبل والمصير، التي تعجز العلوم الأخرى والفلسفة عن الإجابة، فمثلا الإعتقاد بالموت ثم البرزخ ثم القيامة كافية ليعرف الإنسان ما سيؤول اليه وما عليه فعله في هذه الدنيا.
- التأثير الروحي: يُعد الدين الإسلامي اكثر الديانات إهتماماً في روحانية الفرد المسلم ونقاءها، إذا أن للروح تأثير على إنتاج الفرد وتطوره، فعندما يؤمن الفرد بالله تعالى خالقاً ومدبراً هنا تنسجم الروح مع الفطرة التي فطرها الله تعالى عليه فتسير في الطريق الصحيح بلا إضطراب وتخبط.
- تأثير العقيدة في تحرير الانسان: تُعرف الحرية بأنها إمكانية الفرد دون أي جبر أو شرط أو ضغط خارجي على إتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة.
الحرية في وقتنا الحالي هي النغمة التي يتغنى بها الجميع منهم بهدف ومنهم بلا هدف.
أما الحرية في شريعتنا الغراء فتعني خلاص الإنسان من العبودية لغير مستحقها سواء كان إنسان او حيوان او جماد، إذ أن المستحق الوحيد لهذه العبودية هو موجد الإنسان وبارئه عز وجل وشرط هذه العبودية الإعتقاد.
فالعقيدة الفطرية هي السلاح الوحيد الذي نواجه به الإضطرابات الناشئة في كل جوانب زماننا هذا.
فبعض الذي يجري الآن إنحراف البعض عن العقيدة السليمة لدرجة أنهم اصبحوا يعتقدون أن قتل النفس البشرية توصلهم الى الجنة، وانتهاك الحُرمات وسبي النساء وتخريب البلاد هو أمر مستحسن يؤدي الى الصلاح.
فحين منّ الله تعالى علينا بالاسلام وقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وجب علينا ان نكون الأفضل حقاً بإتباعنا لأفضل خلق الله وأشرفهم محمد وآله الطاهرين، إعتقادنا بهم هو الإعتقاد الصحيح والفطرة السليمة التي نرتقي بها في الدنيا ونفوز فيها بالآخرة.
لو سألنا أنفسنا: كم شخص في زماننا هذا كهارون المكي في عقيدته بإمام زمانه؟
لذلك أقول في الختام: اِعتَقد بالعقيدة المحمدية الصحيحة، فالإعتقاد يعني الثبات والثبات يعني الإنتصار والفوز في الدنيا والآخرة.
اضافةتعليق
التعليقات