في أواخر القرن الـ 18، قام الكيميائي البريطاني همفري ديفي باستنشاق غازات مختلفة، شملت أكسيد النيتروز الذي يسبب الضحك الهستيري. ولأنه لم يجد من يقبل إجراء تجربة استنشاق الغاز، قام بنفسه بالتعرض للغاز لفترات غير قصيرة، لدرجة أنه عانى شكلاً من أشكال إدمان "غاز الضحك". وُصف همفي بـ "المجنون"، وأصبح مثاراً للسخرية، ولم يلقَ تقديراً من المجتمع العلمي في عصره، لكن توقُّعه أن الغاز يمكن أن يكون مخدراً طبياً مهماً أصبح ثورة طبية في مجال التخدير والجراحة، وحقق نقلة هائلة في الطب، بعد أن تبين أنه كان على حق في النهاية. خاض المتطوعون بعض التجارب المتطرفة في مجالات العلوم المختلفة، من أكل بيض الدودة الطفيلية إلى تجارب استئصال أعضاء الجسم، وكان يتم غالباً تعويض المتطوعين عن الوقت والمخاطر، لكن هناك مجموعة من العلماء قاموا بالتجارب على أنفسهم؛ إما بسبب الضرورة أو التفاني في العمل ومن دون نتائج مضمونة ومع الكثير من المخاطر، وجاءت بعض النتائج ايجابية، فقد حصل 5 علماء قاموا بتجارب على أنفسهم، على جوائز نوبل؛ تقديراً لاكتشافاتهم.
عندما يصبح العالِم نفسه "فأر تجارب"!
بالنسبة للعلماء الذين يقومون بإجراء تجارب ليست محفوفة بالمخاطر، يصبح الأمر بسيطاً للغاية. فمن السهل أن تستخلص عينة من دمك وتقوم بتحليلها، ولا داعي للقلق بخصوص شخص يقاضيك أو يقول إنه لا يحق لك استخدام عينة من دمه. وعلى الرغم من أن هناك أسئلة تثار حول الموضوعية والدوافع الشخصية للمجرِّب/العالِم، فإن هناك تجارب يكون فيها التجريب الشخصي مفضلاً. مثل تجارب الأشياء الملموسة أو التجارب النفسية كالمزاج وتغيراته؛ إذ يستطيع الباحثون وصف المشاعر والآثار الجانبية بدقةٍ، نتيجة تجربتهم الذاتية، ويسهل عليهم ترجمة ذلك إلى لغة علمية، فيما يلي، بعض التجارب لإجراء العلماء تجارب على أنفسهم:
باري مارشال شرب البكتيريا!
أمضى الطبيب الأسترالي عمره في دراسة سلوكيات البكتيريا، وحصل على جائزة نوبل في العام 2005 في علم وظائف الأعضاء، بعدما شرب قارورة مليئة بالبكتيريا! عرف مارشال أن البكتيريا تسبب القروح، وشاهد العديد من مرضاه يشفون بسبب تناولهم المضادات الحيوية. أراد العالم أن يثبت للجميع أن اعتقادهم أن البكتيريا لن تنجو في معدة الإنسان هو اعتقاد خاطئ، فقام بشرب بعض البكتيريا، وعندما بدأت تظهر عليه أعراض التهاب المعدة، أثبت أنه على صواب. وبالطبع، قام بعدها بتناول بعض المضادات الحيوية.
وورنر فورسمان أدخل القسطرة من عروقه إلى قلبه!
حصل العالم الألماني على جائزة نوبل بالطب سنة 1956، فقد كان أحد أهم جراحي القلب في تاريخ البشرية، بعد أن تدهورت سمعته لانضمامه إلى الحزب النازي خلال الحرب العالمية الثانية. كان فورسمان يعتقد أنه يمكنه الوصول إلى القلب عن طريق وضع أنبوبة بسيطة عبر شرايين المريض، لكن العديد من زملائه الألمان أخبروه بأن هذه الفكرة مجنونة بعض الشيء، وأنها قد تكون قاتلة. لكنه قام بإجراء التجربة على نفسه في العام 1929، ليثبت أنها آمنة على الرغم أن مساعدته الممرضةَ طلبت منه أن يجريها عليها. خدعها؛ خوفاً عليها، وأجرى التجربة على نفسه بالفعل، ثم صوّر نفسه باستخدام الأشعة السينية في مكتبه، وأظهرت الأفلام بوضوح أنه قام بنفسه بأول قسطرة قلبية. وتعد هذه التقنية اليوم أداة حاسمة لتشخيص وعلاج العديد من أشكال أمراض القلب.
ستابين فيرث فشل في نقل عدوى الملاريا إلى نفسه
أراد أن يثبت أن مرض الملاريا ليس مُعدياً، فأجرى إحدى أكثر التجارب جنوناً؛ إذ قام بتجفيف آثار قيء لمريض ملاريا، ثم قام بوضعه على عينه، وبدأ في ملاحظة نفسه فترةً، حتى أثبت أنه لم يُصب بالمرض. لكننا بالطبع الآن نعرف أن هذه الحركة قد تسبب المرض، فلماذا نجا ستابين إذاً؟ تقول الافتراضات إن العيّنة التي حصل عليها لم تكن مُعدية وقتها، ما يعني أنه كان محظوظاً لا أكثر.
جورج ستراتون الذي رأى العالم مقلوباً!
عالم طب النفس الشهير، الذي ارتدى عدسات تقلب الصورة التي تراها العين مدة أسبوع كامل، وظلت دراسته حول الإدراك والأوهام البصرية مهمة للغاية في مجال علم النفس. بعد 4 أيام كاملة من هذه التجربة، بدأ يشعر بالدوار وعدم القدرة على التوازن، وخلال اليوم الخامس بدأ دماغه بالتعود على الصورة المقلوبة، وحين وصل إلى اليوم الثامن، كان قادراً على المشي في عالم بالمقلوب. حسب عربي بوست.
اضافةتعليق
التعليقات