ينظر مالكوا الروح إلى المشكلات كما ينظر لاعبوا كمال الأجسـام إلى الأثقال: إن المزيد من المقاومة يبني الحياة، إنّه التدريب على المقاومة، وهو يمنح شعوراً جيداً، ومن الناحية الأخرى لا ترغب الضحايا في رفع تلك الأثقال، فهم ينظرون إلى الأثقال برعب، كما ينظرون إلى المشكلات على أنّها خيانات وكوارث، المأساة المحزنة هي أنّ الطاقة التي من الممكن أن تدخل في حل المشكلة هي الطاقة ذاتها التي تستخدمها الضحية للتهرب من المشكلة، يتطلب الأمر جهداً ذهنياً مستمراً لإبعاد المشاكل عن الذهن كما إنّه لعمل جاد حقاً حيث يتم باستمرار إعادة توجيه أضواء الوعي بعيداً عن الحياة بحيث تُضيء فقط على ما يصرف الانتباه.
قـال الحكيـم البرازيـلي "كارلوس كاستانيدا": "إننا إما أن نجعل أنفسنا بائسين أو أقوياء، فمقدار العمل هو ذاته" يبدو الأمر كما لو أن الشغل الشاغل لحياة الضحية هو تجنّب الأمور، من خلال تجنبها، تخلق الضحية شقاء أكبر حتى من ذاك الذي تتحاشاه، ليست المشاكل في حد ذاتها هي التي تجعلهم بائسون كما يعتقدون، إنها سلوك التجنب المتعمد هو الذي يجعل تقديرهم لذاتهم ينخفض ويدمر احترام الذات لديهم وهذا هو الأمر الأول الذي تعتقد الضحايا بوجوب اجتنابه هـو الإحراج "ما الذي سيظنه الناس؟" هو السؤال التلقائي الذي يخطر في بالهم قبل النظر في أي عمل أو الاقدام عليه، إن عادة تجنب الإحراج، والقلق المزمن الذي يصاحبها إزاء أحكام الآخرين، تبدأ عادة في فترة الدراسة الإعدادية، ثم لا يبرح أبـداً.
حينذاك يتم حفر المسارات العصبيـة، وتعميقها لاحقاً، الأمر الذي يعني أنّ معظم الناس يشكلون هوياتهم الدائمة في فترة الدراسة الإعدادية.
من منا يختار عن قصد منه حياة صممها مراهق؟ إلّا أنّ هذا ما فعلناه بالضبط، لقد حاولنا أن نعيش حياتنا التي صممها مراهقون وهؤلاء المراهقون هم نحن! لا عجب في أن تكون كوابيس أو حياة أخرى، إن الخطوة الأولى في طريق الخلاص هي أن نرى كيف وصلنا إلى هناك، نحن في حاجة إلى العثور على الراحة التي تجلبها معرفة "من نكون" وكم هو أثيري ذاك القناع بحق.
إن الأشخاص الذين يشعرون أنّهم عالقون داخل شخصية ما، لا يدركون أنّهم يملكون نفساً ذات روح قوية عميقاً في الداخل، إنّهم تحت تأثير التنويم المغناطيسي لـ "من يكونون" إلى درجة أنّهم لا يعلمون من بمقدورهم أن يكونوا. عندما كان شاباً محبطاً في نهاية سنوات مراهقته لأن جزءً منه أاختار أن يكون كذلك وقد قام بتلبية هذا الجزء حتى صار الكل بالكل وهنا تكمن صناعة الشخصيات.
أمر يفتقر إلى "السعادة المطلقة" لم يسمع كثير من الناس ذلك الصوت الأقوى الآتي من داخلهم للتغيير، ذلك الصوت الواسع وسع الكون، لقد منحوا بصورة اعتيادية جل قوتهم إلى الصوت اليومي المنهك القائم على رد الفعل تجاه كل شـخص وكل شيء، فهم يعتقدون أن النفس الاعتيادية هي كل ما هو موجود.
- لقد وجدت هذه الكلمات مكتوبة بخط اليد على اللوحة المخصصة لرسائل الهاتف بالقرب من جثة سمسار بضائع . أردى نفسـه قتيلاً: كان على أحدهم القيام بذلك.
إنّ وعي الذات هو كل شيء، كان من الواضح أنه فات أوان إيقاظه وإخباره أنه فهم الأمر برمته على نحو خاطئ، وأنّ "النفـس" التي أدركها على نحو مؤلم للغاية لم تكن سوى نفس اعتيادية سطحية ومتعبة ومختلقة، كان هناك المزيد من الأنفس في أعلى سلم الوعي هذه الأنفس لم تُستثمر فكانت ضياع حقيقي للطاقة، وكان لديه في الداخل أنفساً كان بإمكانها مساعدته على رؤية جمال الحياة، إلا أنه سقط في عادة تجاهلها، ففقدت نورها وقوتها ومن خلال دراسته للملاحظات التي يكتبهـا الذين يقدمون على الانتحار والتي عنوانها : "أو لا أكون"، يقوم "مارك ايتكايند “ بالمقارنة بين التفكير الذي ينظر إلى النفس كضحية لدى الراحل، وروح امتلاك زمام الأمور.
إن بقائك عالقاً في هذه الشخصية التي اخترت أن تكونها الآن هو اعتقادك الخاطئ بأن الشخصية ثابتة لا تتغيير وهذا السبب الرئيسي في بقاء الناس في أماكنهم دون رغبة في التطور، إن محاولة تغيير وجهة نظرك للحياة والعلاقات وإن كل شيء قابل للتغيير والتطوير بما فيهم شخصيتك فإنك أحرزت الهدف الأول في المباراة.
إذا كان بإمكانك تحويل فكرة أن العمل والوظيفة صراع من أجل البقاء إلى لعبة ممتعة فقد أحرزت الهدف الثاني وضربت عصفورين في حجر وهو أنك استمتعت في عملك وأبدعت فيه وأيضاً خفضت من شدة التوتر والشعور بالقلق فإن النجاح يجعلك سعيداً ولكن السعادة والراحة تجعلك ناجحاً دائماً.
اضافةتعليق
التعليقات