الصفحة الرئيسية العدد 71 اتصلوا بنا
 

قصة من التاريخ

محب علي (عليه السلام)

رجل ينتظر في القاعة، يخرج إليه الخادم، يحمل بيده صرة نقود يسلمها له ويقول الخادم: إن سيدتي أم المتوكل تريد منك أن تنفق هذه الأموال على الفقراء وأن تكتب أسماء من تعطيهم، وتسلمها لها..

أحمد: وكم يوجد في الصرة؟.

الخادم: ألف دينار.

أحمد: حسناً.. حسناً، عد أنت إلى سيدتك وأبلغها بأني سأفعل ما أمرت به..

الخادم: أودعتك الله..

أحمد: مع السلامة.

(يأخذ أحمد الصرة يخفيها في زاوية الغرفة ويعود يجلس في المنتصف).

أحمد: سأنتظر حتى يأتي من اسأله عن الفقراء.

(يتقدم شخصان).

الأول والثاني: كيف الحال يا بن الخصيب؟.

أحمد: أهلا..أهلاً وسهلاً بالأصحاب.

الأول: ماذا هنالك؟ لماذا فرحت هكذا بنا.. عهدي بك أنك لا ترغب في رؤيتنا.

أحمد: لقد بعثت إليّ أم المتوكل ببعض المال لأوزعه على من أعرف من الفقراء.

(الأول والثاني يقدمان عباءاتهما أملاً في أخذ النقود): هات.. هات ما عندك إملأ جيوبنا يا أحمد.

أحمد: على رسلكما.. لكل منكما نصيب.. (يعطي القليل لكل منهما).

الرجلان: جزاك الله كل خير.

أحمد: لأغلق الدكان وأعود إلى البيت مع باقي النقود.

(يخرج من المسرح ويدخل بيته، يخلع العباءة والعمامة ويجلس فتأتي زوجته بصينية الطعام).

أحمد: أتعلمين (وهو يأكل) لقد وصلني ألف دينار لتوزيعها على الفقراء.

الزوجة: حسناً وهل أعطيت منها شيئاً؟.

أحمد: بالطبع لقد أعطيت مائة دينار لاثنين من الفقراء وسأوزع الباقي على بعضهم.. كتبت أسمائهم ها هنا.. (يحسب في نفسه ثم يخرج النقود من الكيس) وها هي مائتا دينار لبعض الفقراء.. (تسمع طرقات على الباب).

الزوجة: سأدخل الطعام وافتح أنت الباب.

أحمد: حسناً.. (يقوم إلى الباب ويعود مصطحباً رجلاً معه).

الضيف: يا أخي أحمد.. لقد جاءني ضيف من ولد رسول الله (ص) وليس عندي ما أطعمه به.. فهلا أقرضتني مالاً لأجل رسول الله وآل بيته(ع)؟!.

أحمد: لا عليك.. خذ هذا الدينار (يعطيه ديناراً).

الضيف: جزاك الله كل خير.. ينصرف.

الزوجة (تدخل وهي تكفكف دموعها): يا لقسوتك يا أحمد.. كيف تعطيه ديناراً فقط؟ وهو جارنا وهو من أبناء آل رسول الله (ع).. وجاءه من يعجز عن القيام بضيافته لفقره.. (تبكي).. ألا يكفي ما يفعله المتوكل بهم.. ثم أنك أخذت المال لتنفقه على الفقراء.. فلماذا لم تعطه منه.. لو كنت محلك لأعطيته المال كله.

أحمد: (يتأثر): صدقت يا امرأة سأذهب من فوري وأعطيه باقي المال كله.. (يخرج مسرعاً ثم يعود بعد ذلك بقليل) أحمد (حيران وحزين): كيف فعلت ذلك.. كيف أعطيته المال.. لا وأي مال.. من أم المتوكل.. وابنها الذي يذبح العلويين.. ماذا ستفعل بي إن عرفت أني أعطيت المال لعلوي تكرهه هي وابنها؟!! سيقتلونني حتماً.

الزوجة: لا تخف وتوكل على الله وعلى جدهم رسول الله (ص).

أحمد: ونعم بالله.. هيا ولننام.. فأنا أحس بالإرهاق وأرجو أن تمضي الليلة على خير.

(طرقات قوية على الباب وأحمد وزوجته يفزعان).

صوت: افتح يا بن الخصيب.

صوت آخر: أجب أم المتوكل بسرعة.

(أحمد وزوجته يركضان خوفاً ورعباً)

أحمد: لبيك.. لبيك جئتك الساعة.. (للجمهور): يا ويلتي، سيقتلوني.

الصوت: هيا أسرع.

(احمد يرتدي العباءة والعمامة ويخرج مسرعاً).

(الزوجة تدور في أنحاء الغرفة تبكي تارة وتسكت تارة أخرى، حتى يحضر زوجها).

الزوجة: يا ويلتي..لماذا فعلت هذا بزوجي.. (تستدرك) ولكن لا..إن ثقتي بالله وآل بيته لقوية.. ولن يتركنا الله ولا رسوله ولا آل بيته.. وسينصرنا الله على المتوكل وأمه.

(يدخل أحمد متأثراً تتلقاه الزوجة بفرح).

الزوجة: حمد لله على سلامتك يا أحمد.. (تتجه إلى وسط المسرح رافعة يديها): اللهم لك الحمد ولك الشكر.

(يناولها أحمد صرة نقود من ثلاث صرر قائلاً: ونعم بالله.. هاك.. هاك يا امرأة هذه الصرة من النقود.. أرسلتها لك.. أم المتوكل.

الزوجة: أم المتوكل!!! لماذا؟ وكيف؟ ولم!!؟.

أحمد: والله ارتعبت عندما أرسلت في طلبي وظننت أن الموت قد دنا منّا.. وإذا بها (الزوجة تنصت بانتباه وخوف).. وإذا بها تقول لي: جزاك الله خيراً يا أحمد وجزى زوجتك خيراً.. كنت الساعة نائمة فجاءني رسول الله صلىالله عليه و آله و سلم وقال لي: جزاك الله خيراً وجزى زوجة ابن الخصيب خيراً، فما معنى هذا؟.

الزوجة: ها.. اكمل.

أحمد: فحدثتها الحديث وهي تبكي فأخرجت ثلاث صرر وقالت: هذا للعلوي وهذا لزوجتك وهذا لك.

الزوجة: (تنظر إلى الصرة بفرحة): هذه النقود لي.. حصلت عليها بثقتي ومحبتي لآل البيت.. شكراً لك يا الهي، (تخرج من المسرح).

أحمد (ينادي على الخادم): يا أبا عبد الله.

الخادم: أمرك يا سيدي.

أحمد: اذهب إلى جارنا العلوي وأخبره أن يأتيني فوراً.

الخادم: سمعاً وطاعة يا مولاي.

أحمد (يتثاقل قليلاً بالنظر إلى الصرر): عسى أن لا يفزع الحسن لطلبي إياه في منتصف الليل.. ماذا اسمع وكأنه حضر.. ما أسرعه في الحضور وكأنه توقع أن أبعث إليه!!.

الضيف: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا بن خصيب.

أحمد: وعليكم السلام ورحمة الله.. تفضل اجلس يا جاري العزيز (يجلس الضيف إلى جواره).

أحمد: لعلك متعجب لطلبي إياك في منتصف الليل.

الضيف: بل انتظر أن تبعث إلي.

أحمد: تنتظرني أن ابعث إليك!! لماذا؟ وما السبب!؟.

الضيف: عندما جئتك في المساء اقترض المال لضيفي ولحقت بي فأعطيتني الكثير من المال، دخلت على زوجتي وأخبرتها ما حصل معي.. ففرحت كثيراً وقالت لي: يا زوجي العزيز دعنا نصلي وندعو لأحمد وزوجته وللسيدة صاحبة المال، فصلينا ودعونا.

أحمد: ها.. وماذا بعد.

الضيف: ثم نمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه و آله في المنام وهو يقول: قد شكرتهم على ما فعلوا معك.. الساعة يأتوك بشيء فاقبله منهم.

احمد: (ينهض من مكانه ويعطي الصرة للضيف ثم يمشي إلى وسط المسرح رافعاً يديه إلى السماء): أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن علياً ولي الله.. (يردد العبارات عدة مرات).