|
الصفحة الرئيسية | العدد 71 | اتصلوا بنا |
من هنا نبدأ |
بعث الرسول برسالته الخالدة التي أحدثت وتحدث انقلاباً جذرياً في صميم الفرد والمجتمع لتوصله إلى برّ الأمان والسعادة، وإحدى هذه الأساليب التي استخدمها : كان أسلوب اللاعنف والسلم، نجح الرسول بواسطته في بناء دعائم الإسلام وانطلاق حضارته إلى أبعد الحدود، حيث كان شعاره (أدخلوا في السلم كافة) و(لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) و.. والعديد الآيات التي تؤيد هذا النمط من التعامل. لذا نشاهد أن من ينتهج هذا الأسلوب في عصر تكون لغته الوحيدة هي العنف، فِإنه يصل إلى غايته وهدفه بطريق ثابت وقوي. وهذا شاهد من التاريخ جلب جل انتباهي: كان من أساليب التمييز العنصري في الولايات المتحدة الجنوبية تخصيص أماكن معينة في الحافلات للسود وأخرى للبيض، ولكن إذا امتلأ القسم المخصص للبيض بالركاب فعلى الركاب السود أن يقوموا ويعطوا أماكنهم للبيض، كان ذلك في عام 1955، طلب السائق من امرأة سوداء وهي السيدة باركر أن تقوم وتعطي مكانها لرجل أبيض، فرفضت ولكنها كانت سيدة في غاية الأدب والرقة والكياسة فأصرت على حقها بالجلوس، بفعل نفس التذكرة التي تحملها، جيء بالشرطة فاعتقلتها وأحالتها إلى المحكمة حيث حكم عليها بالغرامة لمخالفتها نظام الشركة وإدارة الولاية. أصبحت باركر الشرارة التي أضرمت حملة الزنوج ضد التمييز العنصري، فلم يعمد السود للطريقة الساذجة برشق الحافلات بالحجارة أو مهاجمة راكبيها، بل أعلنوا مقاطعة هذه الحافلات وعدم ركوبها مطلقاً (أسلوب اللاعنف).. ولما كان معظم السود يسكنون في أحياء فقيرة بعيدة عن أماكن عملهم فقد تطوع سائقي سيارات الأجرة وأكثرهم من السود لنقلهم، لكن عدد هذه السيارات لم يكن كافياً لكل هذه الجموع، فأخذ الآخرون بالاعتماد على أقدامهم، حيث كانوا ينهضون من الفجر الباكر ويخرجون بدون فطور ليسيروا عشرات الأميال إلى أعمالهم تحت شعار(تعب الأقدام أهون من تعب الروح). من كان يملك سيارة كان ينقل الآخرين معه، ونتيجةً لتألب الرأي العام ضد الحكومة لم تعد الشركة تتحمل خسارة زبائنها فألغي التمييز في الحافلات فكان بداية لإلغاء معالم التمييز وأدرك السود حلاوة الفوز في معركة اللاعنف..
فإذا أردنا أن ننال حقنا وأن نحيا حياة سعيدة هانئة فلابد من
انتهاج هذا الأسلوب في حياتنا، فلنبدأ من داخل الأسرة لتربية أنفسنا أولاً
وأولادنا ثانياً على السلم واللاعنف والحوار الهادئ والمحبة والإخاء.. لكي
نكون من الرواد في عالم تسيطر عليه لغة العنف والسلاح والإرهاب. |