في ذكرى الاربعين تتهافت القلوب لزيارة ابي عبد الله الحسين عليه السلام ويصبح كعبة للقاصدين من جميع انحاء العالم ليحيوا بذلك دين الله سبحانه وليأخذوا العبرة وثواب العبرة.
ان الامام الحسين عليه السلام شأنه شأن الانبياء والمرسلين انموذج للقدوة الصالحة في مسيرة الحياة شخص عاش في كنف الاسلام الاصيل وتربى في حجر النبوة وسقي مناهل التقوى ومثله لا يغيبه الموت او الاستشهاد وكيف يغيبه الموت وقد قال الله سبحانه وتعالى (ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا) فهو في العوالم حي يرزق.
ونحن اذ نقصد مثواه الشريف وموضع استشهاده نتخذه بذلك مثالا عمليا في حياتنا بخلقه المبارك ومواقفه الغراء ونسير على هداه في رفض الظلم لا تهمنا الحياة الزائلة في سبيل اعلاء تعاليم دين الله.
وهي التعاليم التي خرج من اجلها الامام الحسين عليه السلام لاسقاط رمز من رموز الضلال متمثلا بحاكم فاسد ظالم مستحل لحرمات الله يعيث في الارض فسادا وبالعباد ظلما.
وقد اكد الامام الحسين عليه السلام في كثير من خطبه وكلماته انه لم يخرج اشرا ولا بطرا وانما طلبا للاصلاح في امة جده رسول الله صل الله عليه واله.
واذ يمر اربعون يوما بعد يوم استشهاده وهو يوم رجوع حرمه عليه السلام من الشام الى مدينة الرسول صلى الله عليه واله وهو اليوم الذي ورد فيه جابر الانصاري من المدينة الى كربلاء لزيارة قبره فكان اول من زاره رضي الله عنه وقد ورد عن الامام ابي محمد العسكري انه من علامات المؤمن خمس: صلاة احدى وخمسين وزيارة الاربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .
وبذلك جعلت زيارة الامام علامة الايمان في نفس المسلم شأنها شان الصلاة والسجود والولاية للامام والجهر ببسم الله.
ان الاصلاح الذي دعا اليه الامام الحسين عليه السلام وثورته المباركة دليل على وجود خلل في منظومة المجتمع انذاك ولم يكن الامام يبذل ما بذله في يوم العاشر من خيرة اصحابه واهل بيته وحتى اصغر اطفاله عبد الله الرضيع وماجرى على حرمه بعد ذلك من سبي وانتهاك حرمات الا اثباتا على مدى رجوع الانسانية في ذلك الزمن الى مستوى الجاهلية الاولى وعدم التزام المعسكر الاخر بما جاء به رسول الرحمة محمد صل الله عليه واله على كافة المستويات.
وفي يوم العاشر والتاسع والثامن من محرم كانت كلمات الحسين مدافعة عن موقفه وبعد استشهاده كان دمه من يتحدث عنه واخته الحوراء زينب سلام الله عليها التي ابرزت بصوتها ومواقفها اهداف ثورته واطاحت بعنفوانها العلوي اركان الحاكم وزلزلت عرشه حتى استشهدت غريبة في ارض الشام .
في يوم الاربعين يقصد القاصدون ذلك العطشان ثلاثا في ارض كرب وبلاء عطشين الى النبع المحمدي تواقين الى الروح التي بذلت مابذلت لايصال رسالة الاسلام بكل نصاعتها اليهم عبر الاجيال المختلفة.
وحري بتلك الخطوات التي يخطوها المحبون اليه ان تكون اسلامية اصيلة فعلا تعبر عبر عن النية فالقلب ينوي احياء الذكرى والجسد يلبي تلك الدعوة ويبقى الاثر في نفس هذا الانسان الزائر الى حين مماته.
هي اهداف رسمت للاجيال طريقا لعيش حياة كريمة ولو ادت الى آلام في سبيل تحقيقها .
كل القاصدين الى كربلاء في يوم الاربعين يعلمون ذلك ولكن هل يتمثلون الحسين في حياتهم تلك الحياة التي قضاها في العبادة من صيام وزكاة وحج وصلاة تلك الصلاة التي قامت من اجلها ثورته وكان حريصا على اداءها في وقتها وهو في المعركة ...
فعلى السالكين لذلك المقام الشريف ان يتذكروا في خطواتهم هذه التذكرات.
ومن التعاليم الاسلامية الحفاظ على العفة والحجاب هذا الرمز لنقاء الاديان السماوية واول من اتخذته مريم في عبادتها فاتخذت من دونهم حجابا فارسل الله اليها روحه ثم كلمته المتمثلة بعيسى عليه السلام وما كان من اعداء الحسين عليه السلام يوم العاشر الا انتهاك حرمة الاديان السماوية كلها فكانت معركة ادمت قلوب المسلمين اشبه بمعارك ماقبل الاسلام ونزول الوحي.
وهذا الحجاب هو ما تحافظ عليه المرأة الزائرة لقبر الحسين عليه السلام في جميع خطواتها نحو هذا الصرح الشامخ متأسية بزينب والرباب وام كلثوم وسكينة حافظة لهن تضحياهن.
ان من معالم الاخلاص للزائرين الذين يمشون لزيارة الاربعين انك ترى دموعهم تسبق ارجلهم تلك الدموع التي هي تعبير صادق عن حبهم ومودتهم وصدق دعوتهم الى داعي الله.
لذا فالاصلاح والصلاة والحجاب والاخلاص والذكر لله تعالى هي ابرز ما يتحلى به الزائرين وما يجب ان يتحلوا به وهم يتوجهون لقبلة الاحرار ليحررون انفسهم من حب الدنيا طالبين رضا الله والدار الاخرة.
اضافةتعليق
التعليقات