لقد ساهمت التفاهة في التأثير على المرأة من خلال إقامة الكثير من المنصات العالمية التي تطالب بحقوقها ونيلها للمساواة الكاملة مع الرجال، ومنها: التحالف الدولي للمرأة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومؤتمر المرأة، وغيرها من المنظمات الحكومية، وغير الحكومية، التي تدافع عن حقوق المرأة، والتي غالباً تدور نظرياً حول الحق في السلامة الجسمانية، والاستقلال، وعدم التعرض للعنف الجنسي والتصويت في الانتخابات، وشغل المناصب العامة، وإبرام العقود القانونية، والحصول على حقوق متساوية في قانون الأسرة، والمساواة في الأجور والحقوق الإنجابية، والحق في التملك، والتعليم، وغيرها مما يتغنى به الليبراليون والعلمانيون حول العالم.
إلا أن التفاهة لا تعرض هذه الحقوق بهذه الصيغة التجميلية، ولا تقف عندها، فهي مجرد صورة وغلاف لمضمون قبيح، يستهدف المرأة في أنوثتها، ووظيفتها في الحياة، وعادة ما يستخدم رواد التفاهة مصطلح حرية المرأة، للتعبير عن المطالبة بحقوقها. ولا بد من الإشارة إلى أن أنظمة التفاهة تعمل على إنشاء نظام عالمي واحد، من خلال تذويب خصوصيات المجتمعات وثقافاتها ودياناتها، وبالتالي قضية المرأة تناولوها بهذه الطريقة، فالمرأة في العالم وفق نظام التفاهة يجب أن تخرج من بيتها بلباس متوحد من حيث السمة العامة، وهذا يعني القضاء على الجلباب والحجاب الإسلامي، والقضاء على العادات والتقاليد الشكلية للمجتمعات.
وكذلك حقوق المرأة فإنها في ظاهرها موجهة للنقاط التي ذكرناها، إلا أنها في الحقيقة موجهة لإسقاط أي نوع ارتباط لها بالرجل والمجتمع والدين والثقافة والعادات والتقاليد سوى ما تفرضه عليها التفاهة، فالمقصود إسقاط العصمة من يد الرجل، والقضاء على الزواج التقليدي في المجتمعات من خلال دعم المثليين، والشواذ حول العالم، ودعم الزواج العابر القائم على العلاقات الجنسية العابرة غير المؤكدة بعقد ديني وشرعي موثق، والسماح للمرأة بمعاشرة عدد غير محدد من الرجال والنظر إلى ذلك على أنه حرية، وواجب احترامها.
فالمقصود بحرية المرأة كما يريدها أربابها خروجها من بيتها، ومعاشرتها للرجال في الأندية، وأماكن العمل، والشواطئ. فالحقوق والحرية التي يدعون إليها لا خط أحمر لها، وبنظرة يسيرة إلى واقع المرأة الغربية التي قطعت الشوط الأكبر في تحقيق حريتها وفقاً للضوابط التي وضعتها منظمات حقوق المرأة، يتبين لنا أن المرأة لم تكتف بتلك البنود، فإنها تعدتها إلى حد تجاوز كل الأعراف الدينية والثقافية والمجتمعية، بل إنهم أوصلوها إلى تجاوز الفطرة الإنسانية التي فطرها الله عليها، وحولوها إلى سلعة مقصودة بذاتها.
حيث هناك عشرات الشركات التي تعمل على تصدير البنات، لممارسة الجنس واستغلال أجسادهن لأعمال الدعاية والترويج لمنتجات اقتصادية وغيرها. مساواة بين مختلفين جاء في مبادئ حقوق النساء العاملات والمساواة بين الجنسين المنشورة عام ٢٠٠٠م: المساواة بين الجنسين: هي المساواة بين الرجل والمرأة، وتتضمن مفهوم أننا جميعاً بشر، فالرجال والنساء أحرار في تطوير قدراتهم الشخصية، وليصنعوا القرارات بدون الحدود المرسومة، بواسطة الأفكار النمطية. المساواة بين الجنسين: تعني أن السلوكيات المختلفة والتطلعات، واحتياجات المرأة والرجل يجب أن تؤخذ في الاعتبار، ويتم تقييمها وتفضيلها بمنتهى المساواة.
هذا لا يعني أن الرجل والمرأة يجب أن يكونوا متشابهين، ولكن حقوقهم، ومسؤولياتهم، وفرصهم لا تعتمد على نوع جنسهم. المساواة بين الجنسين: تعني الإنصاف في المعاملة بين الرجل والمرأة، طبقا لاحتياجاتهم الخاصة.
هو وما لفت انتباهي عبارة: هذا لا يعني أن الرجل والمرأة يجب أن يكونوا متشابهين، ففي ظاهرها تعني الفصل بين الجنسين فيما يختلفان به طبيعة وخلقاً وفطرةً، ومساواتهما فيما يجتمعان به كفرص عمل ونظرة إليهما من حيث أصل الخلقة على أنها بشر، لا تقديم لأحدهما على الآخر، وهذا متفق فيه بين المجتمعات والثقافات والأديان.
إلا أن تطبيق ذلك على الواقع يختلف تماماً، فالواقع يدل على أن المرأة قد تمردت على الرجل والمجتمع وتجاوزتهما بمراحل، وتم توجيهها نحو الإسفاف والضحالة والتفاهة، والتسلط على مكان الرجل، ومنافسته في كثير من الأمور الخاصة به كالأعمال الشاقة والمكلفة، بل إنها تخلت عنه بشكل كامل من خلال تحميلها مسؤوليات الحياة ومشاقها.
مصطلح المساواة صار شماعة للقضاء على ثقافات الشعوب وعاداتها ودينها، من خلال قيام منظمات حقوق المرأة بالمطالبة بتغيير القوانين التي تتخذ من هذه الثقافات مرجعاً ومصدراً للتشريع، في طريقها للقضاء على كل مظاهر التمييز والافتراق بين الشعوب، لخلق مجتمع عالمي تافه، يقوم على الشذوذ والحرية المطلقة غير المقيدة بقيد خلقي وخلقي.
بينما طرح الإسلام نظرية العدل بين الجنسين لا المساواة، لأن المساواة بين المختلفين غير ممكنة، أما العدل فيقتضي إعطاء كل منهما حقه، بما يتناسب مع طبيعته التكوينية، والخلقية، فبين الإسلام أن أصل الرجل والمرأة واحد، وأنهما خلقا من نفس واحدة، ولهما القيمة والتشريف والكرامة ذاتها، وحملها مسؤولية بناء العالم من خلال الاستخلاف، وعليهما التكاليف الشرعية ذاتها إلا ما تميز به كل منهما بطبيعته الخلقية كالحيض والنفاس للمرأة. المالية المنفصلة تماماً وأعطى الإسلام المرأة حقوقها بما يتناسب مع طبيعتها، فلها حق الملكية، ولها ذمتها عن ذمة الرجل، ولها حقها في الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، ولها حقها الكامل في التكليف العيني والكفائي، وفي الرخص الشرعية، والميراث، ونظام العقوبات، والمعاملات المالية والأحوال الشخصية، وحفظ الدين والنسل والنفس والمال والعقل، وحقها بحمل الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فالإسلام يفرق بين الرجل والمرأة، فيما يفترقان فيه، ولكنه يعدل بينهما، في كل شيء، كل على حسب طبيعته، فينظر إلى الاختلاف بينهما على أنه اختلاف تكاملي، يكمل أحدهما الآخر، وليس اختلافاً نقصياً.
اضافةتعليق
التعليقات