كيف تُبنى شخصية المرأة قوية ثابتة، تستعصي على الإغواء والإغراء، وتشق طريقها في الحياة بثقة والتزام، وتؤدي واجباتها الدينية والاجتماعية على خير وجه؟
وكيف تتجاوز المرأة في مجتمعاتنا حالة الضعف والشعور بالدونية تجاه الرجل، مما يجعلها عاجزة عن تسيير أبسط شؤون حياتها، والدفاع عن حقوقها ومصالحها؟
يبدو أن هناك عدة عوامل ومصادر تساعد على بناء وتنمية قوة الشخصية لدى المرأة، من أهمها مايلي:
1-التربية السليمة: فالبنت التي تنشأ في أجواء تربوية صالحة، وتتوفر لها رعاية كافية، تلبي جميع احتياجاتها المادية والنفسية والروحية، وتغرس في شخصيتها بذور الخلق القويم، عبر التوجيه المناسب، والقدوة الصالحة، المتمثلة في سلوك الوالدين. هذه البنت تكون مهيأة للاستقامة، جديرة بامتلاك قوة الشخصية.
2-الوعي بالدين والحياة: غالباً ما يتشكل وعي الفتاة في مجتمعاتنا، من خلال الموروثات والأعراف المتداولة في أوساط عوائلهن، ثم ينفتحن على وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة، كقنوات البث الفضائي، وشبكة الإنترنت، لتنقلهن إلى عالم آخر من الأفكار وأنماط السلوك، المخالفة لنظام قيمنا الدينية والاجتماعية.
وهنا يحصل الاختلال في التوازن لدى الفتاة، وتصبح عرضة للضياع الفكري والسلوكي، بسبب غياب برامج التوعية الدينية التي تخاطب الفتاة بلغة عصرها، وتتفهم طبيعة المشاكل والتحديات التي تواجهها، فبرامج التوجيه الديني – إن توفرت – هي للذكور غالباً، وحظ المجتمع النسائي منها قليل، وهذا القليل تشوبه ثغرات ونواقص كثيرة.
فحتى المسائل الفقهية المرتبطة بقضايا المرأة الخاصة لم تكتب لها بلغة ميسرة، وأسلوب واضح، حيث لا تطور في الرسائل العملية الفقهية، إلا من خلال بعض المحاولات المحدودة.
وكذلك ما تواجهه الفتاة من تحديات في حياتها الاجتماعية، فترة المراهقة، وعند بدء حياتها الزوجية، وحينما تدخل مرحلة الأمومة. إنها بحاجة إلى مساعدتها بالثقافة الهادفة، وتقديم التجارب والخبرات النافعة، لتكون على بصيرة من أمرها، حين تواجهها المشاكل والتحديات.
إن الجيل الناشىء من أولادنا وبناتنا – على الخصوص – في حاجة ماسة للوعي الحياتي، حتى لا تلتبس عليهم الأمور، ولا تفاجئهم الإشكاليات، وحتى يكون تعاملهم مع وسائل الإعلام، وأجهزة الاتصال الحديثة، وأجواء الاحتكاك بالآخرين، ضمن إطار من الفهم والإدراك السليم.
3-الاحترام والإشباع العاطفي: تمتاز المرأة برقة عواطفها، ورهافة مشاعرها وأحاسيسها، منذ فترة الطفولة، فتحتاج إلى دفء عاطفي، وإحاطة بالرعاية والاحترام، لتشعر بقيمتها في وسط عائلتها، وتنهل من فيض حنانهم وعطفهم، فتمتلىء نفسها بالثقة والعزة، وتتعامل مع الآخرين من موقع الثبات والرزانة.
أما إذا عاشت حالة من الإهمال والتجاهل وسط عائلتها، ولم تُحترم مشاعرها وأحاسيسها، فسيدفعها ذلك للبحث عن مصادر أخرى تشبع جوعها العاطفي، وتغذي الجفاء الذي تعاني منه، مما يجعلها فريسة سهلة، ولقمة سائغة، للطامعين والمنحرفين.
وفي تراثنا الديني نصوص وتعاليم كثيرة تؤكد على إغداق المزيد من العطف، على البنت في صغرها، وتوفير أكبر قدر من الاحترام للفتاة، والمرأة حين تكون زوجة، وحين تصبح أُماً، لاستحقاقها لذلك، ولما له من دور في بناء شخصيتها القوية الثابتة. وفيما يلي بعض النماذج من تلك النصوص:
1-عن حذيفة اليماني قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - : "خير أولادكم البنات".
2-عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - :"من عال ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة: فقيل يا رسول الله: واثنتين؟ فقال: واثنتين. فقيل: يا رسول الله وواحدة؟ فقال: وواحدة."
اضافةتعليق
التعليقات