غالبًا ما ينجم القلق والخوف عن التعرض للضغط، فهما شعوران ينتابان المرء عندما يكون في وضع حرج أو يشعر بأنه في خطر ما. علمًا أننا لا نعرف دائمًا ما الذي يهددنا بالتحديد. لدينا جميعاً مخاوف ثانوية بعضها تلقناه، وبعضها الآخر فطري في البداية يشعر الأطفال بالسعادة عندما يحملهم أي شخص كان، ولكن بعد بضعة أشهر يبدأون بالخوف من الغرباء ويميلون للبكاء إذا ما حملهم أشخاص لا يعرفونهم. وهذه ردة فعل تكون عادة من مصلحة الطفل.
ثمة مخاوف أخرى تبدو موروثة جينيًا، مثل خوفنا من الحيوانات التي تعدو بسرعة، ومن الأفاعي والمرتفعات. ويمكن لأي شخص أن يفكر بأسباب معقولة لهذا الخوف. فالحيوانات يمكن أن تنقل إلينا بعض الميكروبات القاتلة، أو أن تعضنا، كما يمكن أن نقع من المرتفعات ويلحق بنا الأذى. لكن بعض الأمثلة لا يمكن فهمها بالعقل أبداً. فالأشخاص الذين يخافون من السيارات قليلون جدًا، على الرغم من أنها واحدة من المسببات الأولى للحوادث. وبالمقابل فهناك كثير من الأشخاص الذين يخافون ركوب الطائرة، على الرغم من أن الطائرات هي أكثر وسائل النقل أمنًا في الواقع. وهذا ما يجعل البعض يعتقدون أن لدينا استعداداً للخوف من بعض الأمور دون غيرها.
القلق والأداء
من الطبيعي أن نشعر بالخوف. فقليل من الخوف مفيد لنا. وقليل من القلق يجعل الحياة أكثر تشويقاً. فذلك يدفعنا لتقديم أفضل ما لدينا ويحسّن أداءنا. كما أن قليلًا من الخوف يساعدنا على التفكير بسرعة، ويجعلنا نعمل بشكل أفضل جسدياً. فالتلاميذ الذين لا يشعرون بالقلق يحصلون على علامات أقل من غيرهم في الامتحانات. كما أن الذين لا يشعرون بالقلق المناسب في المقابلات يقدمون أداء أقل من غيرهم أيضًا. وأما في الحالات الطارئة فيفكر الذين يخافون ويتصرفون بسرعة أكبر، وبالتالي فهم أكثر حظًا في البقاء على قيد الحياة من الذين لا يخافون فالخوف كردة فعل مكانه المناسب.
غير أن الخوف والقلق الزائدين ليسا مفيدين على الاطلاق. فهما يعرقلان أداءنا. فالبعض يشعرون بالقلق الشديد قبل إلقاء كلمة أمام الجمهور، لدرجة أنهم يتعرقون ويتلعثمون. وبعض التلاميذ يشعرون بالقلق الشديد أثناء الامتحانات لدرجة أنهم لا يستطيعون أن يستعدوا لامتحاناتهم بشكل مناسب، وكلما حاولوا الدرس شعروا بالقلق من النتائج التي سيحققونها. كما أن بعض الأشخاص لا يوفقون في المقابلات، لأنهم يصابون بتوتر شديد في أثنائها. وأما بعض الأشخاص فيخافون جدًا في الحالات الطارئة لدرجة أنهم يفقدون القدرة على الحركة.
ثمة علاقة بين مستوى القلق لدى الأشخاص وبين أدائهم. فأداء الأشخاص الفكري والجسدي يتحسن مع ازدياد مستوى قلقهم. غير أن هذا الأداء يبلغ نقطة يبدأ فيها بالتراجع مع ازدياد مستوى القلق. وابتداء من هذه النقطة يكون تراجع الأداء سريعًا جدًا.
اعلم أنك إذا كنت شديد الاسترخاء فلن يكون أداؤك جيداً. وأما إذا كنت شديد القلق، أو تعاني من ضغط شديد، فإن أداءك سيتراجع لا محالة.
القلق يجر القلق
ثمة مشكلة أخرى يمكن أن يشكّل القلق والضغط حلقة مفرغة. فعلى سبيل المثال، سرعان ما سيدرك التلاميذ الذين يشعرون بقلق شديد حيال نتائج امتحاناتهم بشكل يمنعهم من مراجعة الدروس بشكل جيد، أنهم لن يستطيعوا مراجعة دروسهم فعلا.
وهذا ما سيجعلهم يشعرون بمزيد من القلق، ويخلق لديهم مزيدًا من التوتر، ما سيؤدي إلى إهدارهم مزيدًا من الوقت في القلق من النتائج التي سيحققونها. فكلما ازداد قلقهم، قلّ تحضيرهم للامتحان، وبالتالي ازداد قلقهم أكثر. ثمة أنواع أخرى من القلق الذي لا يفيد.
أحياناً يكون توقيت شعورنا بالقلق خاطئاً. فبإمكان بعض الأشخاص التعامل مع الواقع في الأحداث المؤلمة بشكل جيد، ولكن بعد ساعات أو أيام يتغلب القلق عليهم. وهذا النوع من القلق أو الخوف مزعج جدًا، وغير مفيد.
ما مدى انتشار اضطرابات القلق؟
يعد القلق جزءًا من الحياة اليومية لكثيرين. فالقلق الذي يعكر صفو التمتع بالحياة يصيب كثيرين أيضًا. كما أن عدد الذين يمكن أن يستفيدوا من علاج اضطرابات القلق هو 14 %. وجدير بالذكر أن اضطرابات القلق منتشرة بشكل واسع، وهي من أكثر المشاكل النفسية شيوعاً في المملكة المتحدة. فهي أكثر انتشارًا من الاكتئاب. كما يمكن أن يتحول القلق إلى حلقة مفرغة، حيث يتسبب القلق بظهور تأثيرات أخرى في الجسم كالأعراض الجسدية التي تسبب المزيد من القلق.
هل يحتاج القلق إلى علاج؟
الجواب البسيط هو أنه يمكن للمرء الاستفادة من العلاج إذا كان القلق يؤثر في طريقة عيشه ويحد من تمتعه بالحياة. ولكن، على المرء الانتباه بأن الزخم الذي يحتاج إليه البعض للنجاح يعتمد على قلقه. لذلك فإذا ما حاولت القضاء على القلق تماماً، فإنك ستشعر باسترخاء قد يؤثر في اندفاعك لتحقيق النجاح.
ما هي أعراض القلق؟
هناك أعراض عديدة للقلق يمكن تصنيفها بين أعراض جسدية وأعراض نفسية.
الأعراض الجسدية
. رجفة في القلب
. التعرق
. الارتعاش
. صعوبة التنفس
. جفاف الفم
. الاختناق
. تصلب الصدر
. ألم في البطن
. انزعاج
. غثيان
. موجات حرارة
. تنميل الأصابع
الأعراض النفسية
. الدوار
.قلة النوم
. الخوف من فقدان السيطرة
. الخوف من الموت
. التعب
. الشعور بالانفصال عن الواقع .
.التململ
. الشعور بالتوتر
. فقدان الشهية
. عدم القدرة على التركيز
. الاكتئاب
. نتعرّق كي يبرد العرق جسمنا. وفي الوقت عينه قد نشعر بالبرد لأن الأدرينالين تسبب بتقليص ضخ الدم إلى الجلد.
. نشعر بالتوتر لأن جميع حواسنا وعضلاتنا أصبحت في حالة تنبه.
ما الذي تشعر به عند ظهور القلق ؟
تتسبب بأعراض القلق الاستجابة للمواجهة أو الهرب أو الهلع. وتعتبر أسهل طريقة لتذكر الأعراض هي تصنيفها ضمن أربعة أنواع:
- الأعراض الناجمة عن توتر الجهاز العصبي.
- الأعراض التي تصيب الصدر والبطن.
- الأعراض النفسية.
4.الأعراض الثانوية.
الجهاز العصبي
ثمة أربعة أعراض يشعر بها الأفراد بسبب فرط نشاط الجهاز العصبي تحت تأثير القلق.
1 . رجفة القلب الشعور بتسارع دقات القلب.
2 . التعرق وهو ناتج عن تأثير الأدرينالين في الغدد العرقية.
- الارتعاش وهو ناتج عن تحفيز الحواس والعضلات لجعلها مستعدة للحركة. فالأمر أشبه بأن تكون مستعدًا للانطلاق في حلبة سباق سيارات الفورمولا واحد.
- جفاف الفم وهو ناتج عن تأثير الأدرينالين في الغدد اللعابية. ذلك أن المرء لا يتناول الطعام في ظرف كهذا.
الصدر والبطن
ثمة أربعة أعراض تصيب الصدر والبطن:
- يشعر البعض بصعوبة في التنفس. ويحدث هذا عادة لأن الجهاز العصبي يصدر تعليمات إلى الجسم للتنفس بسرعة أكبر، كي يؤمن تدفق الأوكسيجين إلى الأوعية الدموية.
- يشعر البعض أنهم على وشك الاختناق. وهذا مرتبط بتأثير الأدرينالين في الهضم أكثر من تأثير هرمونات الخوف في التنفس.
- الألم في الصدر: يشعر المرء بتصلب الصدر نتيجة تسارع نبضات القلب وازدياد سرعة التنفس.
- الغثيان أو الألم في البطن أو تقلصات المعدة: يحدث هذا لأن الجسم قلل ضخ الدم إلى المعدة، إضافة إلى تأثير الهرمونات في عضلات الجهاز الهضمي. ويمكن تصنيف هذا التأثير بين تأثير جسدي وتأثير نفسي. فكل ما يتعلق بعملية الهضم يتوقف تمامًا.
الأعراض النفسية
- الدوار الشعور بعدم الثبات، غشيان البصر، والشعور بالإغماء. تظهر هذه الأعراض بسبب تغير ضغط الدم وكمية الأوكسيجين التي يحتوي عليها الدم وتعديل مسارات ضخ الدم أثناء الشعور بالقلق.
2 الخوف من فقدان السيطرة بعض الأفراد لا يفهمون حقيقة ما يحدث لأجسامهم ويخافون من فقدان السيطرة أو الاضطراب. وهذا فهم خاطئ لعملية فيزيولوجية معقدة يتحكم بها الجسم بشكل جيد.
3 الخوف من الموت وليس مستغرباً أن يظن المرء أنه مصاب بنوبة قلبية أو بعارض صحي خطير عندما يشعر بألم في صدره وبصعوبة في التنفس وينتابه شعور بالإغماء. فالخوف من أن تكون جميع هذه الأعراض دليل مرض جسدي هو من الأعراض الكلاسيكية لبعض أنواع القلق.
- الشعور بالانفصال عن الواقع: يشعر البعض أنهم منفصلون عن أجسامهم، وأن ما يجري من حولهم يجري مع أشخاص آخرين. وهذا من الأعراض الشائعة للقلق. وتتم ردة الفعل هذه على مستوى اللاوعي، ولا يمكن للإنسان التحكم بها إراديًا. إنها خدعة يقوم بها الفكر. فإذا لم يفكر الإنسان أن الخطر محيط به في الحقيقة، فإن ذلك سيساعده على البقاء أكثر هدوءًا. ولكن استمرار هذا الشعور لفترة طويلة مزعج جداً. (فكر كيف ستكون الحال إذا عاد طفلك إلى البيت سعيدًا مسرورًا لرؤيتك وكنت أنت باردًا في لقائه وغير مبال) .
الأعراض الثانوية
- هبات الحرارة والارتعاش من البرد يحدث هذا بتأثير الأدرينالين في الدورة الدموية للبشرة والغدد العرقية. فيحدث الارتعاش من البرد عند الانقباض الأولي للأوعية الدموية وعندما يسمح لهذه الأوعية بالاسترخاء وتتدفق عبرها كمية كبيرة من الدماء تحدث هبات الحرارة.
- الخدر: يحفز الأدرينالين الجهاز العصبي، ويظهر ذلك أحياناً في شكل خدر في الأصابع. كما يمكن أن يسبب تشنج العضلات شعورًا بالخدر.
تغيرات في السلوك الاجتماعي
إضافة إلى الأعراض الجسدية الناتجة عن الاستجابة للمواجهة أو الهرب، أو الهلع، يمكن للقلق المتواصل التأثير في حياتنا. فإذا ما استمر شعورنا بالقلق والخوف لفترة طويلة، فيمكن أن نواجه مشاكل إضافية، فيتغير سلوكنا بحيث لا نستطيع التعامل مع هذه المشاكل. كما يمكن أن نصاب بالتعب والاكتئاب، وأن نصبح بطيئي الحركة ومتململين. ويمكن كذلك أن يصبح نومنا صعبًا وأحلامنا مزعجة. كما نبدأ بتجنب الصدمات الإضافية وبالانطواء على أنفسنا.
أعراض نوبات الذعر
يشعر بعض الأشخاص بالقلق طوال الوقت، غير أن آخرين يشعرون بنوبة شديدة، ولكن قصيرة نسبياً، من الخوف. فتبدأ النوبة فجأة وتتفاقم في غضون دقائق، وتستمر من بضع دقائق حتى نصف ساعة. ولكي نصنف النوبة كنوبة ذعر، لا بد من أن يرافقها شعور بالخوف الشديد..
يحاول الذين يعانون من نوبات الذعر بشكل دائم تجنب الظروف التي تسبب لهم الذعر. فالأشخاص الذين يصابون بالذعر حين يتواجدون في مكان مغلق يشعرون بالارتياح إذا ما فتحت نافذة. كما أن التغيرات الجسدية التي تحدث في أثناء نوبات الذعر هي عينها التغيرات التي تحدث في أثناء القلق والخوف، ولذلك فإن الأعراض تتشابه. غير أن ما يميز نوبات الذعر هو ظهورها وتفاقمها المفاجئ من دون وجود أي خطر. وحتى بوجود الخطر فإن أغلب الأفراد سيجدون أنه ليس شديدًا، وأنه لا يستحق أن يتسبب بالذعر. فعلى الرغم من أن الأعراض الجسدية مخيفة، إلا أنها ليست خطيرة إطلاقًا.
متلازمة فرط التهوية
يتنفس البعض في أثناء نوبة الذعر بسرعة، ويكون تنفسهم سطحيا جدًا. ويتسبب التنفس السطحي السريع (فرط التهوية) بطرد كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون من الجسم، ما يقلل من حموضة الدم. ويتسبب هذا الأمر بحدوث خدر في الأصابع والدوار، كما قد يتسبب بتشنج العضلات، ويشعر المصاب بوجود ثقل في صدره. فلا عجب أن تشكل هذه الأعراض حلقة مفرغة.
يصبح المرء أثناء النوبة أكثر ذعراً، ويعتقد أنه مصاب بمرض جسدي خطير. والحق أن أياً من هذه الأعراض لا يسبب مشكلة حقيقية دائمة. فحالما يبدأ الشخص بالتنفس بشكل صحيح تزول هذه الأعراض. واللافت هنا أن بعض الأطباء يخطئون في تشخيص التغيرات التي تحصل في الدم، فيعتبرونها أمراضاً أخرى، ويقومون بوصف العلاج الخاطئ.
يمكن أن يرافق فرط التهوية العديد من اضطرابات القلق ويمكن أن يظهر فجأة في أثناء ممارسة الرياضات الغريبة، مثل غطس السكوبا. ويعتقد البعض أن اضطرابات القلق هي بحد ذاتها تشخيص طبي.
يعد التنفس في كيس ورقي إحدى وسائل التعامل مع فرط التهوية. فبهذه الطريقة تزداد كمية ثاني أكسيد الكربون في الكيس تدريجيًا مع كل نفس، وبذلك تعود نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم إلى مستواها الطبيعي. غير أن البعض يجدون أن التنفس في الكيس الورقي صعب. ويجدون عوضاً عن ذلك، أنه من الأسهل عليهم أن يتعلموا التنفس البطيء والعميق. فلا بد من بقاء الشهيق والزفيز متساويين في مداهما الزمني.
اضافةتعليق
التعليقات