إن الانسان المتوازن هو ذلك الشخص الذي يكون متصالحا مع نفسه ويقدر ذاته أي ما يسمى بالاستحقاق الذي يعتبر من أهم الأمور التي تعينك على تحقيق أهدافك في الحياة، والاستحقاق هو شعور عميق داخل نفسك بأنك تستحق الهدف الذي ترغب فيه، وللأسف أغلب الناس يجهلون أنهم يعانون من عدم الاستحقاق، وهو أمر يمارسونه في حياتهم يومياً دون وعي منهم، فالشعور بأنك لا تستحق ما ترغب فيه يعطل سيرك للوصول إليه وتحقيقه، لذلك يتحدث المدربون وعلماء التنمية البشرية وعلوم الطاقة دوماً عن أهمية رفع استحقاق الفرد لذاته وكيفية تحقيق هذا الأمر وأهميته في تحقيق الأهداف.
الاستحقاق الذاتي
الاستحقاق الذاتي يعني ذلك الشعور الدائم لدى الفرد بأنه يستحق أفضل مما يملك أو أنه يستحق معاملة أفضل من غيره، فقد يسعى دائمًا للبحث عن منزل أفضل من منزله الحالي، كما أنه يرغب في امتلاك وظيفة أفضل من وظيفته الحالية، أو أن يرغب بدراسة تخصص أفضل من تخصصه الحالي وهكذا، فهو يسعى لأن يكون أفضل نسخة من نفسه فيكون في أحسن صورة وأحسن حال دون أن يقوم بمقارنة نفسه مع الآخرين أو إلقاء اللوم على ذاته أو غيرها من مثل هذه الأمور، فهو يسعى للتطور والتقدم، فالاستحقاق الذاتي يعمل على تخطي مشاعر الإحباط والتعامل مع الفشل بطريقة إيجابية. ولكن يجب الانتباه بين الثقة والسعي للتطور والاستحقاق من الناحية السلبية، فقد يدخل البعض بنوع من المرض فيما يخص الاستحقاق الذاتي، ويعتقد بأن العالم مدين له بشيء ما وبأنه أفضل من الآخرين ولهذا فهو أهل لتلقي منصب أعلى أو مكانة أفضل أو حتى أن يتم التعامل معه بتمييز عن الآخرين، وهذه الحالة مرضية وتحتاج لعلاج.
ويسمى هذا السلوك ب (التدمير الذاتي).
أنواع التدمير الذاتي
هناك نوعان من التدمير الذاتي:
- النوع الأول :
هو ألا تصل لهدفك مهما فعلت من تمارين ومحاولات، وعندما تأتيك الفرص لا تقتنصها وتتركها تضيع منك؛ لأنك تفضل البقاء في دائرة الارتياح.
- النوع الثاني :
هو أن تصل للهدف وتحصل عليه بالفعل، لكنك تقوم بتدمير كل ذلك لتعود إلى نقطة الصفر من جديد، والسبب في ذلك أن العقل الواعي للإنسان يرغب دائمًا في النجاح، ولكن العقل اللاواعي قد يكون لديه برمجة سلبية ومعتقدات خاطئة تحول دون هذا النجاح، والعقل اللاواعي هنا يلعب دور القائد الذي يدير الأفكار والقرارات والأهداف.
أعراض عدم الاستحقاق والتدمير الذاتي
هناك نسبة كبيرة جدًا من الناس لديهم عدم استحقاق وتدمير ذاتي، ولكنهم يتفاوتون في الدرجة والموضوع، فهناك من يعاني من تدمير ذاتي في المال، أو تدمير ذاتي في العلاقات، تدمير ذاتي في الأهداف أو في جذب شريك الحياة، وما إلى اخره، ومن أعراض عدم الاستحقاق ما يلي:
- عدم الوصول للهدف رغم المحاولات الكثيرة وعمل التمارين.
- الوصول للهدف وتضييعه، وسأعطيكم مثال على ذلك كم كتاب كنت حريصا على شرائه ولم تقرأه؟ كم مرة قمت بعمل دايت وبعد أن بدأت تخسر الوزن، عدت للأكل من جديد؟
- التسويف، أن تظل تؤجل أهدافك واحدًا تلو الآخر ظنًا أنك لن تستطيع الوصول إليها، هذا التسويف يؤثر عليك بالسلب ويزيد من تدميرك الذاتي.
- من أعراض عدم الاستحقاق أيضًا أن ترى أن الهدف كبير عليك، وأنك لن تستطيع الوصول إليه، وهذه فكرة سلبية ستخلق لديك عدم استحقاق، سيدنا سليمان عليه السلام حينما دعا ربه طلب ملكًا لا ينبغي لأحد من قبله أو بعده، وضع أمامه هدفا كبيرا وبدأ يدعو به الله الواسع المقتدر.
- عقاب الذات أيضًا من الأشياء التي تخلق عدم الاستحقاق، كأن تظل تؤنب نفسك وترى أنك مقصر وتفعل الذنوب ولا تستحق النجاح، وهذا بالطبع يدمرك ذاتيًا، لقد خلق الله سبحانه وتعالى البشر خطائين توابين، ومن البديهي أن تخطئ لتتعلم وتتوب لله عز وجل، فلما تعاقب نفسك على فطرتك التي خلقت بها!
كيفية رفع الاستحقاق الذاتي؟
يمكن رفع الاستحاق الذاتي من خلال ما يلي:
- الاعتراف أنك تمتلك مشاعر عدم الاستحقاق السلبية: إن الاعتراف بالمشاعر يسهل الطريق على الفرد فيصارح نفسه ويصبح أكثر وعيًا بمشاعره وبالتالي يتجاوز مرحلة الاستسلام إلى مرحلة الإصرار على استحقاق ذاته.
- معرفة الشيء الذي يعيقك عن الاستحقاق الذاتي: لا يمكن أن تقوم بإصلاح شيء دون أن تعرف السبب الذي أدى إليه، فالغوص في مشاعرك ومعرفة سبب هذه المشاعر التي تمنعك من الاستحقاق الذاتي يساعدك على رفع ثقتك بنفسك، مع مسامحة النفس على الخطأ والتجاوز عن كل ما هو سلبي دون إلقاء اللوم على الذات، فقد يكون السبب في عدم الاستحقاق الذاتي هو الإخفاقات المتكررة التي تحصل مع الفرد، أو لأسباب خارجية مثل طريقة معاملة الآخرين لك ونظرتهم السلبية لك؛ فبمجرد معرفة السبب يمكنك البحث عن حل فعال لتتجاوز وتتخطى هذا الأمر.
- الابتعاد عن التوقعات غير المنطقية: وهي المعايير العالية التي يضعها الفرد لنفسه أو يتم وضعها من قبل المجتمع أو الأسرة، فيجب أن يكون الشخص رحيماً مع ذاته دون طلب شيء يفوق قدرته.
- التركيز على نقاط القوة: ركز على مواهبك من أجل استعادة التوازن وتحقيق الأفضل.
- لا تقارن نفسك مع الآخرين: ابتعد عن التقليل من شأنك من خلال مقارنتها مع الغير وخصوصًا في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي فلا تصدق كل ما تراه لدى الآخرين.
- لا تسعى إلى المثالية: تأكد تمامًا أنه لا يوجد شيء كامل في هذه الحياة، لذلك لا تَدع المثالية الزائدة تضعف من ثقتك بنفسك وتقلل من قيمتك.
- تدوين الإنجازات: التركيز على الأمور الإيجابية يرفع من هرمون السعادة لدى الشخص وذلك يساعد في تقدير الذات.
- العناية بالجسم: القيام بشرب الماء وتناول الخضراوات.
- اختيار الملابس: كن أنيقًا حتى داخل المنزل من أجل رفع ثقتك بذاتك.
- النظر إلى الحياة بشكل إيجابي: يجب على الفرد أن يحب ذاته ويثق بنفسه وينظر إلى الأمور نظرة إيجابية، مع ذكر العبارات الإيجابية إلى النفس والابتعاد عن الحديث السلبي مع الذات، والقيام بتغير الأفكار والمعتقدات السلبية وغير المنطقية إلى أفكار ومعتقدات منطقية وإيجابية حتى يستطيع أن ينجح الفرد في حياته ويحقق ذاته.
فالاستحقاق مرتبط بالأساس بتقدير الذات وبالوعي بكمية المعتقدات التي تبرمجنا عليها منذ الطفولة فإذا استطعنا أن نعتتني بذواتنا ونمنحها الحب الكافي والتقدير اللازم ومن ثم انتبهنا لتلك المواقف والأحداث التي حصلت في الماضي فتسببت بانخفاض استحقاقنا لهذا الهدف أو هذا الأمر الذي نرغب فيه بذلك نكون استطعنا أن نقرب المسافة التي توصلنا لتجلي أهدافنا.
لذا يجب أن تدرك ما هو هدفك و لماذا تريده و ما هي التحديات بكل الأصناف و هل أنت مستعد لذلك أم لا و ابدأ بوضع خطة لتنفيذ ما تريد و جدول زمني لكل تلك الأمور لتصبح في أفضل نسخة من نفسك.
اضافةتعليق
التعليقات