كثيراً ما يحدث تضارب عند الأمهات بين إشباع رغبة اللعب عند الأبناء أو الاهتمام فقط بالتعليم والمذاكرة، لكن ما رأيك إذا وجدت نظام يسمح لأبنائك بالتعلم أثناء اللعب؟.
اليوم نحدثكِ عن أحد الأنظمة التعليمية العالمية الذي ينتهج تطوير قدرات الأطفال عن طريق أنشطة تجمع بين التفاعل مع البيئة والتعلم «المونتيسوري».
مونتيسوري هي طريقة تعليمية تستند على التعلم الذاتي والعملي، يقوم الطفل باتخاذ قرارات إبداعية من تلقاء نفسه بواسطة الموجه (المعلم) الذي يوفر له بيئة مناسبة للتعلم والابتكار، يستكشف الطفل ما حوله بشكل مستقل مما تؤدي إلى زيادة الثقة الشخصية لديه، حيث يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ ((إن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل (( ويوجد هذا النظام بجميع أنحاء العالم، ويخدم الأطفال من عمر 3 إلى 18 سنة)).
والتعليم حسب منهج مونتيسوري التعليمي يجب أن يكون موجهاً لطبيعة الطفل باستخدام نظام بسيط من التعليم والابتعاد عن تراكم المعلومات والتلقين والحفظ، لأن الطفل يجب أن يتعرف على العالم من حوله من خلال حواسه. فليس مهمًا في منهج المونتيسوري أن يثقل كاهل الطفل أو المتعلم بالواجبات المنزلية، بل الأهم أن يعرف كيف يؤدي واجبه بحب وبإقبال شديد بداخل المدرسة.
وقد أرست دعائم منهج مونتيسوري الدكتورة الإيطالية ماريا مونتيسوري وهي مربية وفيلسوفه وطبيبة إيطالية، ولدت في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا عام 1870م، وبعد معاناة مبكرة أصبحت أول امرأة في إيطاليا تتأهل كطبيبة.
أهم ركائز منهج مونتيسوري التعليمي:
• يعتبر كل طفل فرد ذو قيمة فريدة من نوعها.
• الحرص على حرية الأطفال في الاختيار والحركة وليس التقليد المباشر.
• يتيح للأطفال فرصة اكتشاف الإجابات بأنفسهم، ويعزز لديهم مهارات حل المشكلات ذاتياً.
• مساعدة الطفل على اكتساب قدر عالٍ من الاستقلالية وتنفيذ المهام بنفسه.
• منهج "المونتيسوري" لا يعتمد على فكرة الثواب والعقاب، بل يعتمد على تشجيع الطفل على تطوير انضباطه الداخلي من خلال عمله فالجزاء لا يساوي حلوى والعقاب لا يساوي الحرمان من اللعب أو ما شابهه.
• يتجلى دور المعلم في عدم التدخل وفي قيامه بالقيادة نحو التعلم.
مراحل النمو حسب مونتيسوري:
المرحلة 1: (من عمر الولادة حتى 6 سنوات)
وتعتبر مونتيسوري أن المرحلة الأولى هي الركيزة على بناء الشخصية ولذلك يجب الاهتمام الشديد بطفل هذه المرحلة واعتبرت أن هناك وقت حساس لتعليم القراءة ومتابعة الألوان، فهذه الفترة للطفل هي فتره حساسة في النمو اللغوي ويكون لديه قدره فائقة على الاستماع إلى الأصوات وتقليدها كما لديه القدرة على تعلم أكثر من لغة في الوقت نفسه وبجهد قليل.
المرحلة 2: (من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة)
في هذه المرحلة لاحظت مونتيسوري الكثير من التغيرات النفسية والجسدية على الأطفال، أهمها الميل إلى العمل في مجموعات، وتطور الخيال والقدرات الإبداعية، والحس الأخلاقي، وتشكيل الاستقلال الفكري.
المرحلة 3: (من عمر 12 حتى 18 سنة)
وهي بالأساس مرحلة المراهقة، وقد لاحظت مونتيسوري أن هذه المرحلة تتميز بتغيرات جسدية مرتبطة بعمر البلوغ وما يرافقها من تغيرات نفسية، ولهذا فالأنشطة يجب أن تراعي خصوصيات هذه المرحلة كعدم الاستقرار النفسي وعدم التركيز في هذا العمر ونمو شعور الكرامة والاعتزاز بالنفس، وهذه المرحلة هي مرحلة بناء الذات.
المرحلة 4: (من عمر 18 حتى 24 سنة)
وهي مرحلة النضوج بالأساس، ولم تطور مونتيسوري أنشطة تعليمية لهذه المرحلة، لكنها اعتمدت منهجا للتنمية الذاتية لأشخاص نضجوا في ظل فلسفة مونتيسوري.
أفكار عملية لتطبيق مونتيسوري في المنزل:
1. علميه الأنشطة المختلفة في المنزل، ولا تجعليه يعتمد عليكِ في كل شيء.
2. ابدئي بتعليمه الأنشطة السهلة حتى تصلي إلى الأصعب، كأن تُعلميه مسح يديه أولًا بالمنديل، ثم غسل يديه بالماء والصابون، ثم غسل كوب أو طبق حسب عمره.
3. علميه بالتقليد، أي اصنعي الشيء أمامه ولكن ببطء حتى يراه ويتعلمه.
4. بمجرد إتمام طفلك عامه الأول، اسمحي له بحمل بعض الأشياء وكأنه يساعدك، حتى لو بدت ثقيلة عليه بعض الشيء، فهذا يساعده في تقوية عضلاته لكن بقدر مناسب بالطبع.
5. في المطبخ، خصصي له صندوقًا به بعض الأدوات التي يمكنه استخدامها واللعب بها أثناء وجوده معكِ، اطلبي منه بعض المهام البسيطة مثل: تقطيف أعواد الملوخية، الإمساك بقطعة عجين أو عصر الفاكهة و هكذا.
6. لعبة الصمت: الصمت من المهارات المهمة في تعلم التفكر والاستماع وضبط النفس، اتفقي مع أفراد الأسرة أن يصمت الجميع لمدة دقيقة مثلًا، والتركيز في كل ما نسمعه من أصوات، بعد انتهاء الوقت اسأليه بصوت هامس عن الأصوات التي سمعها، وأديري معه حوارًا حولها.
7. عندما يسكب طعامًا أو شرابًا على الأرض علميه تنظيفها بدلًا من الصراخ في وجهه.
8. مع بلوغه الثانية من عمره، علمي صغيركِ غسل أسنانه، وتمشيط شعره بنفسه، ومن سن الثالثة علميه الاستحمام ودخول الحمام وحده، ولكن كوني معه على الدوام خاصة في الاستحمام حتى تمام سن السابعة أو الثامنة، لكن دون تدخل منكِ في دعك جسمه وغسل شعره.
9. علميه الألوان بتكرارها أمامه، واجعلي كل أسبوع خاصًا بلون معين، وأشيري عليه في بطاقات التعلم أو القصص أو في الأشياء حولكم في المنزل والشارع.
10. إن لاحظت على الطفل اهتمامًا بأنشطة الكبار بدلًا من اللعب والتلوين، احضري له مثلًا طبقًا بلاستيكيًا صغيرًا ليغسله، أو ألعابًا تشبه أنشطة الكبار، مثل الغسالة أو المكنسة الكهربائية وغيرها.
11. عند ذهاب طفلك إلى النوم، اجلسي معه وهو مستلقٍ على السرير في جو هادئ، وتحدثي معه عن يومه: ما أنجزه، ما أسعده، ما أحزنه أو ضايقه، ما أخطأ فيه وكيف يمكنه تفادي أخطائه. إن هذا يعلّم الطفل التعبير عن مشاعره، وتحليل أفكاره وأفعاله وتطوير نفسه، ويساعد على الاسترخاء قبل النوم.
12. لا تسمحي لطفلكِ بمشاهدة التلفاز أو اللعب على الأجهزة اللوحية "التابلت" أكثر من ساعة يوميًا في المجمل، ولا تتركيه أمامها قبل النوم مباشرة، بل يجب الابتعاد عنها قبل النوم بساعتين على الأقل.
وأخيرًا ، فتربية الأطفال بطريقة المونتيسوري ما هي إلا منهج حياة يساعدكِ قبل كل شيء على التواصل مع ابنكِ وتنمية مهاراته المختلفة، وهو منهج مرن، تستطيعين أخذ منه ما يتوافق مع قيمكِ والطريقة التي ترغبين في تربية طفلكِ بها ويساعدكِ في توفير الوقت على المدى الطويل، حيث سيتعلم طفلك أن يعتمد على نفسه في هذه الأشياء بدلًا من الاعتماد عليكِ طوال الوقت، والأهم من ذلك أن الطفل القادر على غسل يديه وارتداء ملابسه بنفسه وغيرها من الأشياء البسيطة يكون مستعدًا لدخول العالم والعثور لنفسه على مكان فيه، فيصبح شخصًا مستقلًا نافعًا.
اضافةتعليق
التعليقات