ليس سهلاً أن يغير الإنسان أسلوب حياته لكي يتماشى مع أسلوب شخص آخر، خصوصا عندما يكون هذا الانسان في عمر الشباب المشحون بالآمال والأوهام والتوقعات فهي مهمة تتطلب التفهم والصبر والتعاطف، وسينظر هذا الموهوم خلفه ذات يوم ليجد الأجواء المشحونة قد أصبحت عادية للغاية، بل ولا تثير أي انفعال البتة، أو أي نوع من المشاكل والمشاعر السلبية، كذلك رغيف الخبز لمن يريد نصفه سينقسم بمرور الزمن إلى نصفين غير متشابهين.
دون ادراك منا وفي تفاوت التوقيت بين السرعة والتأخر نجد أنه كل ماتبقى لنا هو فتات الخبز ذاك بينما في بادئ الأمر قد سلمه سموه كاملا في يدينا وأوهمنا أننا اخترنا القائد المناسب، حتى أدركنا مؤخرا انه منذ سنوات عدة لم نرَ ذاك القائد سوى على شاشة التلفاز والجميع يصفق له على انجاز لم نشهده بل تمتع فيه الاغراب ونحن ننظر لايديهم لعلهم يرمون لنا فتات الرغيف الذي وعدونا به وماقبض منه سوى الاقربون وبعض من المعارف وهذا مايفسر تصرف زميلي سابقا في الدراسة فرغم انه شخص انطوائي لايحب الحديث مؤخرا بات ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل كبير صور للمرشح فلان وهو يمجد ويمدح فيه وبمجرد هامش بسيط وسؤال عابر كان مني، ماهو برنامجه الانتخابي؟
انهال الزميل الانطوائي بالحديث بشكل لايصدق وتنزيه غير معهود لاشخاص قدموا له قطعة من الرغيف في الوقت الذي كنا نحن على الجانب الاخر ننظر والى يومنا هذا وكل ماقبضناه من سموه هو الهواء الذي اخرجه من بطنه الممتلئ يوم وعد.
الكلمة في منظور الامام الحسين
اليوم وبكل بساطة يقف الكثير من الجلادين بيد واحدة امامهم تمسك وردا وخلفهم سكين جارح، يصرخون هنا الحياة ونحن لانود سوى كلمة منكم، وبغباء عهدناه تنوعت طرق سحب الكلمة، فمنهم من اشتراها بماله الفاني ومنهم من استأجرها بكرامة اصحابها وتعددت الطرق الى اعداد غير محدودة، فهي ليست الا كلمة قالها اخي الصغير وهو يقول: في النهاية هم سيأخذون المنصب سواء اعطيت صوتي ام لا لذلك لتكن لي فائدة به مقابل مبلغ بسيط، متناسياً اننا اليوم نعاني مانعانيه بسبب تلك الكلمة لأستذكر كلام ينقل عن مولاي الامام الحسين (عليه السلام)، في حواره مع الوليد حين قال له: نحن لا نطلب إلا كلمة فلتقل : " بايعت " واذهب بسلام لجموع الفقراء فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنا للدماء فلتقلها، آه ما أيسرها إن هي إلا كلمة!.
فرد الامام الحسين : (منتقضا) كبرت الكلمة، وهل البيعة إلا كلمة ؟
ما دين المرء سوى كلمة ما شرف الرجل سوى كلمة ما شرف الله سوى كلمة، أتعرف ما معنى الكلمة، مفتاح الجنة في كلمة دخول النار على كلمة وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة، زاد مذخور الكلمة نور وبعض الكلمات قبور بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى الكلمة فرقان بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين فساروا يهدون العالم، الكلمة زلزلت الظالم الكلمة حصن الحرية إن الكلمة مسؤولية، إن الرجل هو الكلمة شرف الرجل هو الكلمة شرف الله هو الكلمة، لا رد لدى لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة!
فرد الوليد: قد بايع كل الناس يزيدا إلا أنت فبايعه.
فقال الحسين (عليه السلام): ولو وضعوا بيدي الشمس!
هنا ينشق طريق الكرامة ويبرهن للناس عبر الأجيال أن الكلمة هي التي تخلدهم وذاتها يمكن أن تجعلهم قبور لا معالم لها، أما اليوم فحديث مولانا واضح وضوح الشمس التي رفضها ولا يحتاج لتفسير أو تأويل، إننا مقابل مسؤولية كبيرة ستحدد من نحن غدا وإن لم تكن بأيدينا فهي ذمة عظمى سينطق فيها لساننا أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون، وتشهد أيدينا على مبايعتنا لكل من لم نتأكد منه وإنما أغرانا بالرغيف المعهود الذي كان مجرد هواء خرج من بالونة، فانتبه عزيزي وتأكد قبل كل شيء أن صوتك اليوم لا يحدد مصيرك أنت فقط بل مصير كل من حولك، ولا يغلبنك الظن أنه صوت واحد لا يؤثر، بل هو أساس التغيير كله، وصوت اليوم هو مستقبل الغد وملجأ أولادك وستحاسب عليه، وإلى هذا أشار عزَّ وجلّ في محكم كتابه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ* إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
اضافةتعليق
التعليقات