يترك الإنسان بأعمالهِ أثرًا وتأثيرًا في هذا العالم وهذهِ القاعدة تسري خصوصًا على العلماء والشهداء. فالعلماء باقون ما بقي الدهر كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام وذلك بمداد علمهم والله تعالى يقول في محكم كتابهِ الكريم: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءً عند ربهم يُرزقون". (١) آل عمران.
ومداد العلماء خير من دماء الشهداء لأنهُ حافظ للقلوب والأرواح والنفوس، أما المجاهدون بالأصغر.
فحافظون للأبدان، والأشباح ، والأجساد. لابد من الاشارة هنا إلى أن هناك نوعين من الشهادة شهادة بالسيف وهي بالجهاد الأصغر وشهادة بالعشق حيث تقتل النفس وهي بالجهاد الأكبر فمما ورد في الحديث القدسي "ومن عشقني عشقته ومن عشقته قتلته ومن قتلته فعلي ديته ومن علي ديته فأنا ديته" وكما ورد عن سيد الشهداء عليه السلام "لو لم تكن الشهادة إلا لمن قتل بالسيف لأقل الله الشهداء".
وفي روايه أخرى "ألا من مات على حب آل محمد مات شهيدًا" ورد أيضا ما معناه أن هؤلاء يموتون في كل يوم 70 مرة من كثرة ما يجاهدون أنفسهم ويخالفون هواهم وإن الشهيد هو إسم من أسماء الله ومعناه أنه صار بتمام وجودهم مشاهدًا للحقائق ومتحققا لشهداء الذين قتلوا في سبيله ذلك الرزق هو المعرفة بالأسماء والصفات الإلهية والتحقق بها وكلٌ يُرزق بحسب ولايته ومحبته وعشقه وبراءته وبالتالي فإن هؤلاء لا ينقطع عملهم فيكون له ظهور وصور وفي هذا العالم بناء على شهودهم للحقائق وارتباطهم بها وعلى غرار ذلك ورد أنه " إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقه جارية، وعلم يُنتفَع به".
فهذا الولد الصالح قد يكون بوجه من الوجوه عملا صالحا كالدمعة المذروفة في عزاء الحسين عليه السلام ولهذا السبب يرحل البعض عن هذا العالم ولكن يبقى لهم أثرًا وتأثيرًا فيهم وذلك بمقدار ولايتهم ومحبتهم وعشقهم وبراءتهم فيرحل الجسد ويبقى الأثر وقد تكون بعض الأشجار المغذية كالتين والزيتون التي يستفيد منها الإنسان أو النباتات والأزهار كالقصعين والباب والنجاة التي يتم التداول والإستشفاء بها أو الأحجار الكريمة كالحجر الأسود والعقيق والزمرد والضر التي تعود على الناس بالفائدة أو الماء المبارك كما الشفاء وماء القدم في ميثابور الذي يتبرك ويستشفي به الموالون، في أصلها ومنشأنها إنسانًا مؤمنا مواليًا، خلق الله منه هذهِ الموجودات كصدقة جارية له ويكون كل ظهور من هذهِ الظهورات بحسب الولاية والتوحيد المستنبطة فيه.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض فوائد تلك الأشجار والأعشاب والأحجار يكون للبدن وبعضهُ عن النفس وبعضها الآخر للروح غير أن ذكر الأصل في كل ذلك، وهو أهل البيت عليهم السلام شفاء من الوعك والأسقام كلها، ومنه يتدرج على علاج كل علاج وشفاء فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك والأسقام ووسواس الريب، وحُبُّنا رضى الله تبارك وتعالى".
أثر العشق في وجود العاشق
إن لعشق أهل البيت عليهم السلام أثرًا كبيرًا في نفس العاشق. فبعد أن يسمع الموالي حديث العشق ويصدقهُ ويدخل في قلبه ويقر به ويتخلى عن كل شيء غيره يتوحد معه ويصبح فيه ومنه فيتولد من هذا التوحد والوحدة علمًا أو فهمًا أو نورًا أو عملًا أو كلها معًا فتتفجر ينابيع الحكمة من قلبه إلى أصحاب القلوب ومن عقله إلى أصحاب العقول ويبدأ وجوده وأفعاله وصفاته وذاته يحكي تلك الحقيقة فتظهر في كل حواسها من دون أن يدري ذلك في بعض الأحيان، لأنها تصبح تلقائية من دون تكلّف..
اضافةتعليق
التعليقات