غالبا ما نقع في الأخطاء سهوا أو عمدا مع اليقين والإقرار الذاتي بأن هذا التصرف أو هذه الكلمة هي شيء خاطئ لكن عندما نصل إلى وقت العقوبة نلوذ بالعناد والرفض، وعدم التقبل للعقوبة سواء كانت كلمة جارحة أو حرمان من امتحان أو تأنيب فلنجأ إلى تبرير الخطأ بخطأ آخر، ونلتمس العذر لأنفسنا ونستمر بالدراما ومواقف الحزن التي مرّتْ بنا والتي لا علاقة لها ولا ارتباط ولو من بعيد بهذا الخطأ!
إن العقوبة في حياة الإنسان لم تكن يوما حالة طارئة أو أمراً مستحدثاً؛ وإنما رافقت الانسان منذ ولادته، فمع وجوده على الأرض تكونت لديه فكرة واضحة عن أمرين أساسيين في الحياة وهما:
أولا: العمل الحسن يكافأ (بالثواب).
ثانيا: العمل السيء يجازى (بالعقاب).
وإن مبدأ العقوبة مرتبط بحياة الانسان وبقائه، حيث أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، وجميع من يقرأ هو مُقِر بهذا الأمر لكن يرفضه لا شعوريا لأسباب عديدة منها كرامته، نظرته المقدسة لذاته، ثقته الموهومة بنفسه، رفضه للألم، وغيرها من نزعات الإنسان التي غالبا ما يجدها وسائل للفرار من نفسه اللوامة، والتي غالبا ما تشغّل منبهها إلا إننا في الغالب نعطيه غفوة مؤقتة أو اطفاء حتى نتخلص من صوته ونكمل طلبا للراحة!
ولكن كل ما سبق لا يجدي نفعا وغالبا ما يجرنا إلى نقاشات وصراعات وقد مشاكل وقطيعة رحم والشواهد كثيرة كل ذلك يجري بسبب رفض رفع اصبع الاتهام لنا، وفي الحقيقة هذه الطرق غير صحية نفسيا أو اجتماعيا ومن الضروري أن نتقبل العقوبة الأمر لا يحتاج إلا لمرونة وتدريب النفس من خلال افهامها إن أول عملية في مصالحة الذات هي الإيمان بأن الخطأ لا يقلل من قيمة المرء بل الاعتراف به فضيلة، وندرب أنفسنا على ذلك من باب تأديب النفس وحتى لا نكرر نفس السلوك، والخطوة الثانية نضع أنفسنا مكان الآخر لو كنتُ مكانه كيف يكون تصرفي، أما الخطوة الثالثة فهي أننا نعترف بالخطأ ونبادر بالاعتذار حتى نفعل ثقافة الاعتذار في المجتمع.
هذه الخطوات وهذا المقال يشمل أولئك الذين يوقنون بأنهم أخطأوا ويعترفون به داخليا لكن يرفضونه، أما الذي لا يعلم بأنه أخطأ ويكرر الأخطاء وينكرها بل يعتبرها ميزة تضاف له، فهذا شرُّ مكانا، وأظنه يدرج ضمن قول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "ورَجُلٌ لا يَعلَمُ ولا يَعلَمُ أنَّهُ لا يَعلَمُ فَذاكَ أحمَقٌ فَاجتَنِبوهُ".
اضافةتعليق
التعليقات