قمرُ الأرض خَفْتَ نوره واستباح، ليقدم قمرٌ آخر يضيئ الأرض والسماء معاً، قمر بني هاشم سيأتي اليوم، هيا استعدوا أيها الكواكب والنجوم، أيتها الشمس هل لكِ أن تشرقي؟ كلا، فإبن ليثُ الوغى وعدنا بالقدوم.
يا جبال الأرض سبحي الله وهللِي، وأنتِ يا بحار ويا وديان فقوقلي الله وكبري، قمر الجنان سيأتينا في الرابع من شعبانِ، لا، بل إنه قمر الزمانِ، وشذا الروح والريحان، ونسمات العذوبة والخلود، المترجم لأسمى معاني الأخوة بفهارسٍ طِوال العهود، صاحب مؤلفات الغيرة والشموخ والإباء وعدم الرضوخ والشجاعة والفداء.
وصاحب تحقيق أمنيات الأطفال البريئات، ساقي عطاشا كربلاء لقبه أبا الشهداء، فلم يحصل للقربة شرفٌ قبل أن يمسكها العباس، وبعد أن مسكها صار لها قلب وأنفاس، فصارت تنبض بحب قطيع الكفين، وصار لها جنود وحراس، وعلا شأنها بين الناس، فمن ممحية الوجود إلى قربة العباس، الله ما أرفع ذلك الإحساس، فبالعباس سما المقياس بين الناس فصار الكل ينادي إلهي بقربة العباس.
من روضة حبه أشْتُقَ معنى الإباء والوفاء، وبروض جنانه تعرف الإخوة النقية الغراء، فشبل حيدر فدا شقيقه بأزكى الدماء، وبذل حشاشته عن أخيه ليراوح عنه الشقاء والعناء، فغضنفر كأبيه حيدر، بدر ضاء العسكر، في حوقلة المعترك، راح الفؤاد وانكسر المجمر، لكافل الخدر، فارس مغور، فكيف لا وهو ابن فحل الفحول، أنجبته أم البنين ليكون فداء لأخيه الحسين، وسبحان من حَتّم وقدّر، حتى مولدهما من شعبان ثالثاً ورابعاً يوما يتلو الآخر، وحتى قبابهما متقابلة المنظر، كأنما يوصلان رسالة للعالم أولاد الامام حيدر، بقانون لا يضاهيه قانون آخر.
سطروا سلالة حيدرية من نهج نبوي سرمدي، حتى بعد رحيلهما بالشهادة القدسية، إنهما متقابلان بالاتجاه متماسكان بالمبدأ غير قابلان للانفصال، مزقوا قيود الخرافة والجهل ورسموا سراطاً للعز والمجد، شامخان على الأفق والمدى، وراهبان للجور والعدى، كأنما كفوفهما متآخية حتى بعد قطعهما وأصابعهما تتنسى لي كأنها متشابكة مع بعضها ما بين الحرمين، أرى تشابكهما وهما يضربان أسمى الأمثال بالإخوة والحنين.
من زار حسيناً كأنما زار العباس، أما العباس فيقول زوروا أخي قبلي من باب تلبية النصح الوفاء، أما الحسين فيقول زوروا العباس وأتوني بريحه فإني أتوق شوقاً لرائحة العباس، وبحب الله للعباس يكفي الناس شر الأقدار والوسواس الخناس.
فالسلام عليك يا قمر الأقمار أيها الأخ الدافع عن أخيك والمجيب إلى طاعة ربك، والزاهد لما رغب فيه غيرك، من الثواب الجزيل والثناء الجميل وألحقك الله بدرجة آبائك في جنات النعيم.
اضافةتعليق
التعليقات