عندما تنظر إلى أسلوب حياتك على أنه أسلوب خاطئ وأنـك عـاجـز عـن تغييره، فإن هذا يؤثر عليك سلبا بشكل كبير ويفسد عليـك حياتك، فعندما تفشل كل المحاولات التي تبذلها لتصبح شخصا عاديا مثلك مثل الأشخاص المحيطين بك، فستشعر غالبا بصعوبة في التكيف مع المجتمع الذي تعيش فيـه، بل وقد يصل بك الحال لتشعر أنك شخص فاشل.
هذه هي نظـرة العـديـد مـن الأشخاص متعددي المواهب والقدرات لأنفسهم، وهي نظرة خاطئة وقاصرة، بل وغير منصفة على الإطلاق، فمـن المؤلم أن نرى هـؤلاء الأشخاص المتميزين يعنفـون أنفسهم بهذه الطريقة ويلومونها نتيجة لعدم قدرتهم على الالتزام بالسير على نهج واحد في الحيـاة المليئة بالمجالات المختلفة. كما أنه من المؤلم أيضا أن تسمعهم وهم يرجعون سبب فشلهم إلى أفضل ما يميزهم من صفات ألا وهـو حبهم للاستطلاع وشغفهم بالتعرف على كل ما هو جديد واستعدادهم لاستكشاف كل مـا هـو غير مألوف وقدرتهم الفريدة على تعلم الأفكار الجديدة إلى جانب حماسهم لتجربة كل ما هو جديد أو غير معروف. بعبارة أخرى، هـم يعتبرون حبهم الشديد للحياة وتمتعهم بالحرية والحيوية طوال الوقت مـن العيـوب الموجودة بشخصياتهم .
وفي محاولتهم للتكيف مع المجتمع من حولهم، يعمـل عـدد كبير مـن الأشخاص متعددي المواهب والقدرات على عدم إظهار ما لديهم من مواهب متعددة، ولكن بطبيعة الحال لا يتمكنون من ذلك لأن هذه المواهب والقدرات عادة ما تظهر رغما عنهم مهما حاولوا إخفاءها. فهم يتكبدون عناء إخفاء هـذه المواهب والقدرات دون ضرورة لذلك، فهذه المواهب والقدرات قد وجدت فينا كي نطلق لها العنان ونتركها تسير في حرية حتى نستطيع بالفعل الشعور بالسعادة والرضا، إذا كان الأمر كذلك، فما الداعي إلى التغيير؟ ومـن الـذي يزعم أنه على الأشخاص متعددي المواهب والقدرات أن يغيروا مـن أنفسهم وطريقة حياتهم؟
بعد هذا الاعتقاد من الاعتقادات الخاطئة بالفعل وليس الأول من نوعه في حياتنا؛ منها أننا اعتدنا عـلى مشاهدة مـا يفعله الأطفال لكننا لم نعتـد عـلى الاستماع إلى ما يقولونه.
كما ترسخ في أذهاننا أنه يجب على الشخص الأعسر أن يتدرب على استخدام يده اليمنى بدلاً من يده اليسرى، وأن الأشخاص الذين يتعثرون في القراءة أشخاص يتصفون بالكسل والغباء.
ولكن لحسن الحظ، تم تصحيح أغلب هذه الاعتقادات الخاطئة، الأمر الذي سمح لعدد كبير جدا من الأشخاص أن ينعموا بحياة يسودها قدر كبير من الحرية والنشاط ودون كبت ما بداخلهم من قدرات ومواهب أو حكم الآخرين عليهم بطريقة غير عادلة. لقد حان وقت تصحيح الاعتقادات الخاطئة المأخوذة عـن الأشخاص متعددي المواهب والقدرات، كي يتسنى لهم تطـويـر مـا يكـمـن بـداخـلهـم مـن قدرات غير عادية. إذا كنت تعتبر نفسك واحـدا مـن الأشخاص متعدد المواهب والقدرات، بأن تكون واحدا ممن يحبون القيام بالعديد من الأشياء ولم تستطع يوما اختيار واحد منها فحسب للقيـام بـه وتـرك مـا سـواه، فإن أولى خطوات تغيير هذا الاعتقاد الخاطئ تبدأ منك أنت. أما الآخرون فسيدركون حقيقتك في الوقت المناسب، لكن حياتك أهم من أن تنتظر حدوث هذا الأمر. وفي واقع الأمر، يمكنك تعريف المجتمع من حولك بالأشخاص متعـددي المواهب والقدرات من خلال أسلوبك في التعامل معهم. ولكن عليك أولا أن تبدأ في التعرف على حقيقة شخصيتك.
_ افتح دفتر يومياتك وأمسك بقلمك الرصاص حتى تدون ما ترغب فيه.
_ التعرف على كيفية القيام بالعديد من الأعمال مما يمكنني من مساعدة كل من يحتاج لمساعدة في أي من تلك المجالات مما يجعلنـي أشـعـر بـأنني شخص كفء وبارع في عملي.
_ الرؤى والاكتشافات والإيحاءات والمعرفة المتعمقة التـي مـن شـأنها أن تجعلني أقول: "لم أكن أعرف قط بذلك الأمر من قبل".
_ معرفة كل ما هو جديد من أشخاص وأماكن وتجارب .
_ التأثير فيمن حولي ولفت أنظار الجميع إلى وجودي بينهم .
_ التفكير بشكل منطقي لأن ذلك يشعرني بنوع من السعادة والإدراك الحسي للمواقف، وذلـك مـن خـلال إعـمال حـواس السمع والحركة والشم والرؤية واللمس.
_ استخدام كل جوانب شخصيتي وما لدي من منطق وحدس وعاطفة وقدرات.
_ تحدي نفسي واختبار قدراتي لمعرفة أقـصـى مـا يمكنني الوصول إليـه.
لتقم الآن بإعداد هذه القائمة ، أمسك قلمك الرصاص وابـدأ في الكتابة. أعط نفسك حوالي خمس دقائق لكتابة كل ما يطرأ على بالك منها، ثم أسترجع الأشياء التي قمت بتدوينها بعد الانتهاء من كتابتها.
هل اندهشت مما قمت بكتابته؟ لتعلم أن أغلب من قاموا بهذا الأمـر قـد أصيبوا أيضا بهذا الشعور.
"لم أعتقد قط من قبل أنني قد أنجزت أي عمـل في حياتي، ولكننـي عنـدما جلست لأعد قائمة ولو بالقليل من الأعمال التي قمت بها، وجدت أنني قـد كتبت ثلاث صفحات كاملة.
وقد أصابني هذا العدد من الصفحات بدهشة كبيرة، حيث إنني لم أتصور بأي حال من الأحوال أنني قد قمت بهـذا الـكـم من الأعمال في حياتي."
هل تذكرك هذه القائمة ببعض النتائج التي قد تكون نسيتها والتي دفعتـك للعمل بالعديد من المجالات، أم أنها قد حفزتك لكتابة مجموعـة مـن النتائج الخاصة بك؟ عليك التأكد من تدوين تلك النتائج في دفتر يومياتك وانتبه جيدا، فهي الحافز المعظم لمتعددي المواهب والقدرات.
في واقع الأمر، هذا ما يحاول أغلب متعددي المواهب والقدرات القيام به. فيقومون بشراء الكتب التي توضح لهم كيفية إيجاد أكثر مجال يستهويهم العمل به، كما أنهم يخوضون ما يعرف باختبارات تحديد مهنة واحدة للعمـل بهـا ليتعرفوا على المهنة المفترض لهم العمل بها، لكن هذه الحلول لا تصلح بأي حـال من الأحوال لهم فهي مخصصة لنوعية مختلفة تماما من الناس.
فالهدف من وراء هذه النوعية من الكتب والاختبارات تحديد أكثر مـا يـبرع فيـه الإنسان، وهـذه الطرق، تعد من الطرق الناجحة للغاية وتحقق نتائج مذهلة ولكن مع الأشخاص الآخرين وليس مع متعددي المواهب والقدرات. يجب على الأشخاص العاديين أن يعتمدوا على أفضل ما لديهم من مواهب لإيجاد المهنة المناسبة لهم، إلا أن هذه الطريقة لا تتناسب مع الأشخاص متعددي المواهب والقدرات، وهذا مـا جـاء على لسان أحد هؤلاء الأشخاص حيث قال:
"لقد حصلت على درجـات فـوق المعدل المتوسط في كـل اختبـار أجريتـه لتحديد القدرات والمهارات؛ فلم أتفوق في مجال عن المجالات الأخرى. فقد كانت درجاتي مرتفعة في كل المجالات عـلى حـد سـواء، مـن ثـم، كـان مـن الصعب علي اختيار مجال بعينه."
اضافةتعليق
التعليقات