|
|
|||
الاعجاز العلمي في القرآن |
|||
|
|||
تتكون الكرة الأرضية من عدة أغلفة هي القشرة والغطاء والنواة، ولما كانت طبقة السيما (الغطاء) لزجة في القسم الأسفل منها، حيث أنها تتحول إلى حالة مرنة ومنصهرة تحت ظروف الضغط المتغير والحرارة العاليين، وطبقة السيال (القشرة) موضوعة فوقها، وهي في بعض المواضع تكون على شكل جبال عالية، فلا بد بسبب حركة الأرض أن يحصل اضطراب وتزلزل وتصدع للقشرة الأرضية التي ستنزلق على طبقة الغطاء، وكان لا بد من شيء يربط الطبقتين ببعضهما البعض حتى لا يحصل هذا الاضطراب وتلك الاهتزازات في القشرة، لذلك جعل الله عز وجل للجبال جذوراً تنزل في أعماق طبقة الغطاء بمسافة تبلغ أربعة أضعاف ونصف ارتفاع الجبال تقريباً بحيث تصير الجبال أوتاداً ورواسي، تثبت هي على الطبقة المرنة المضطربة التي تحتها وتثبت أيضاً القشرة على هذه الطبقة (على الغطاء) وتمنع حدوث الاضطراب والاهتزازات على سطح الأرض، وفي هذا يقول الله عز وجل (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم). وروي عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: (لما خلق الله الأرض جعلت تميد - أي تضطرب وتميل - فأرساها بالجبال). ولقد تكررت كلمة رواسي في القرآن الكريم في ثماني آيات كريمة ولو توقف عندها علماء الجيولوجيا لعرفوا أنه الحق من ربهم وأنها صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه. ويجب أن نلاحظ الإعجاز العلمي الكامن في كلمة (ألقى) التي تشير بصورة مذهلة إلى عملية تكون الجبال كما كشفها علم الجيولوجيا مؤخراً. يقول العلم الحديث حالياً إن الجبال البازلتية والغرانيتية تكونت بصورة بطيئة جداً منذ ثلاثة مليارات سنة ونيف بفعل الإلقاء أي بما يقذفه باطن الأرض الملتهب من الحمم والصهارة التي بردت وتراكمت على مر السنين ثم ارتفعت فوق سطح البحر بفعل تداخل الألواح الأرضية. أما الجبال الجيرية الكلسية، فقد تكونت أيضاً بفعل الإلقاء أي بما تجرفه مياه الأمطار والأنهار من مواد كلسية، وغيرها من الأرض والصخور وتلقيه في البحار والمحيطات. وبفعل دوران الأرض حول نفسها تنشأ قوة التعرف بالقوة النابذة التي تقذف ما على سطح الأرض إلى الخارج، أما قوة الجاذبية فتجذب ما على الأرض نحو المركز، وبتعادل هاتين القوتين لا تميل الأرض ولا تضطرب، بالرغم من دورانها، ولكي تتعادل القوة النابذة والجاذبة يجب أن تكون قشرة الأرض متوازنة بفعل جذورها التي تغوص بعيداً في طبقات الأرض، ولم يكتشف العلم هذه الحقائق القرآنية إلا في القرن التاسع عشر مع العالم أوري (1854) ودتون (1889) وكذلك في هذا القرن مع استخدام الأقمار الصناعية. والجبال هي العامل الرئيسي في تخزين المياه العذبة وتثبيت التربة، ولولا الجبال لذهبت أكثر المياه المتساقطة من السماء إلى البحر دون أن تتخزن في الأرض ولانجرفت معها التربة. ولقد كانت الفكرة السائدة لدى علماء الجيولوجيا أن مصادر المياه العذبة والينابيع الجوفية متأتية من مياه البحر التي تتسرب إلى داخل طبقات الأرض حيث تتخلص من ملوحتها ثم تتفجر أنهاراً لتعود إلى البحر من جديد، لكن القرآن أشار إلى أن مصادر المياه العذبة هي من السماء وليس من البحر (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)(1). كما أشار القرآن إلى دور الجبال العالية في تخزين المياه وتكوين الأنهار العذبة (وجعلتا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتاً)(2). وفي العصر الحديث، اكتشف العالمان سبايك وجرانت أن مياه النيل الأبيض تأتي من اصطدام بخار الماء المتصاعد من المحيط الهندي بجبال القمر العالية في كينيا حيث يتكثف لدى اصطدامه بقمم الجبال الباردة فيتحول إلى شلالات هي مصدر مياه النيل الأبيض. وهنا يجب أن نسأل المشككين بالقرآن العظيم وبالرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) : هل اطلع النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على علم الجبال وقرأ ذلك في كتب الأقدمين وعرف كيف تكونت ونصبت الجبال وعن دورها في منع الأرض من الاضطراب والتمايل بالرغم من دورانها حول نفسها؟! وحين سأل البروفسور ألفرد كرونر وهو من أشهر علماء الجيولوجيا الألمان، بعد أن عرضت عليه مثل هذه الآيات، من أين عرف محمد صلى الله عليه وآله وسلم ذلك؟ أجاب: أنه وحي من السماء. الهوامش: (1) الحجر: 22. (2) المرسلات: 27. |
|||
|
|||
|