الصفحة الرئيسية العدد 71 اتصلوا بنا
 

شعر الطفل بين الفطرة والتوجيه

 

للشعر وقع خاص في نفوس الأطفال منذ الأيام الأولى للولادة، فالأطفال يحبون الشعر، ويطربون لأنغامه، وإن لم يفهموه في سنيهم الأولى، وتحرص الأم على هدهدة طفلها بالكلمات الموزونة ذات اللحن والإيقاع، ويشعر الطفل عند ذاك بالرضى والارتياح والاسترخاء، وقد ينام على هذه الأنغام الحلوة، وعندما يكبر يحفظ بعض الأشعار ذات البحور القصيرة.

ويستفاد الطفل كثيراً من سماع الشعر وحفظه، إذا  كان مناسباً من ناحية ألفاظ الشعر وموسيقاه وصوره الفنية، وذلك يعتمد إلى حد كبير على موهبة الشاعر وثقافته وتجربته، وتفاعله مع التجربة الحية النابضة وتفاعله مع إحساس الطفل وفهمه.. ويمكننا أن نجمل الصفات المناسبة لشعر الأطفال في الآتي:

1- الحرص على اللغة الشعرية عبارة وصورة.

2- الاهتمام بالبحور ذات الإيقاع الساحر الجذاب.

3- يسر الأفكار والمعاني وسهولتها.

4- اختيار موضوعات تتناسب وواقع الطفل واهتماماته الإسلامية.

5- وضع أغاني الأطفال التي تبث عبر التلفاز والمذياع تحت توجيه علماء الدين والنفس  والتربية، لأن الأطفال يحفظون تلك الأشعار.

6- وحدة القافية لما فيها من آثار داخلية في نفسية الطفل.

إن الإجلال الذي يتوارثه الطفل المسلم نحو الله و قرآنه، إجلال عميق، نلحظه على ألسنة المحدثين، ونسمعه من القراء، حيث يعم الخشوع والانصات، وحيث تتوارد الحكمة القدسية والآداب الربانية؛ فيقول الشاعر الإسلامي:

قرآن ربي

هدى ونور

لكل قلب

قرآن ربي

وفي نشيد (لبيك) ينتقل الطفل المسلم إلى رحاب الحرمين الشريفين في مكة المكرمة، حيث بيت الله العتيق ومعالم ولادة ونشوء الدعوة الإسلامية التي قادها رسول الله الأكرم محمد بن عبد اللهصلى الله عليه و آله و سلم، ويبدو من كلمات النشيد أنه كتب في موسم الحج حديث يردد الحجاج: (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك) إذ إن الشاعر استثمر هذه الفرصة، أي موسم الحج، وكتب هذا النشيد ليحبب هذه الشعائر الإسلامية العظيمة في نفوس الأطفال المسلمين، ولتبقى معهم، يحفظونها بنشيد إسلامي تربوي رقيق يكبر معهم عاماً بعد عام، فلا ينسونه:

 

إلــهنا مــا أعـــدلك
يـا ربنـا دعوتنــــــا
لـتزدهـي قـبـضـــتنا
وتــرتـوي أرواحــــنا
نــدعوك يـا مـن قـد ملك

  لـــبيك لا شــريك لـك
 لبـيتك الحــــــــرام
بــرايـة الإســــــلام
بالحـــب والســـــلام
لــبيـك لا شـريـك لـك

***

جـــئنا يــــمر خطونا 
لنســتعيد أمســــــنا
فـهـذه أمـــــــتنا 
نهتف أن احـــمد لـــك 

  عــلـى خــطى محمـــد
ونسـتعد لـــــــــغد
شــــدت يـــداً على يد
لــبيك لا شـــــريك لك

ويمكن للشاعر الإسلامي أن يحول أنشطة الحياة إلى أناشيد إسلامية تعيش مع الأطفال وتساهم بشكل فعال في تربيتهم وتنشئتهم تنشئة صالحة.. من خلالها أيضاً يدركون أهمية هذه النشاطات الحياتية وكيف أنها في النهاية تصب في مجرى واحد هو خدمة الدين والعقيدة، وأن هذه الأنشطة جميعها إنما ننجزها بعون الله وقوته ونقوم بها أيضاً قربة لوجهه الكريم.

يقول الشاعر الإسلامي في نشيد (دعاء الدرس):

باســمك اللــهم أبــدأ
لــــك شكري لك حمدي
ربـنا إياك ندعــــــو 
ربـنا فافتــــــح علينا
طـلع الفــــــجر فقمنا
بــعدما صـلـينا جـــئنا
ســيــدي فاعطف عـلينا
واجعــــل الدرس مهمـاً
  بــــك ربــي اســـتعين
أنـــــت ربّ الــعــالمين
يــــا مجيـب المــخلـصين

يــــا رحــــيم الراحمـين
واستجبنا للأمــــــــين
نـــبتغي  عــلــماً وديـنا
مــثل عـــطف الــوالدين
ثـــمرة الــنور المـــبين

وفي قصيدة (ولد الهادي) يصور الشاعر الإسلامي مولد الرسول (ص) وعملية التغيير التي أحدثتها هذه الولادة المباركة في حياة الناس بأسلوب سلس يتناسب وقدرة الطفل على استيعاب مثل هذه المفاهيم الكبيرة:

ولد الهادي

بشرى بعبير الأعياد

قرآن الله إلى البشر

بشرى للحاضر والبادي

ولد الهادي

***

جاء ليحرق ثوب الرجس

جاء لينهي عصر البؤس

جاء ليجلو أفق النفس

جاء إلينا في ميعاد

ولد الهادي

وتبقى لشعر الطفل أغراض أخرى تربوية وتعليمية، الهدف منها إعطاؤه هذه المفاهيم بالطرق المحببة التي تدخل إلى قلبه بسرعة، ويعتبر الشعر أحد أدواتها الرئيسية.

وعملية تعليم الشعر تخضع لبعض المقاييس التي ذكرنا قسماً منها، فيما تبقى بعض المقاييس الأخرى تابعة لنمط التربية التي يريدها الأبوان، واختيار النماذج الشعرية حسب الفئة العمرية للطفل إضافة إلى بعض الاعتبارات والمقاييس الأخرى.